من أسباب دخول النار
أما بعد: عباد الله لقد وصف الله سبحانه وتعالى نار جهنم، ووصف أهلها وأحوالهم وأعمالهم في القرآن العظيم, ووصفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم, قال بعض العلماء في وصف النار: "إنها دار قد خص أهلها بالإبعاد, وحرموا لذة المنى والإسعاد, بدلت وضاءة وجوههم بالسواد, وضربوا بمقامع أقوى من الأطواد, عليها ملائكة غلاظ شداد, لو رأيتهم في الحميم يسرحون وعلى الزمهرير يطرحون، وحزنهم دائم فما يفرحون, مقامهم محتوم فما يبرحون, أبد الآباد في نار جهنم, توبيخهم أعظم من العذاب, تأسفهم أقوى من المصاب, يبكون على تضييع أوقات الشباب, وكلما جاء البكاء زاد, هذه جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد، يا حسرتهم لغضب الجبار! يا فضيحتهم بين الخلائق على رءوس الأشهاد! أين كسبهم للحطام؟! أين سعيهم في الآثام؟! كأنه كان أضغاث أحلام، ثم أُحرقت تلك الأجسام، وكلما أُحرقت تعاد في جهنم عليها ملائكة غلاظ شداد". نعم -يا عباد الله- هل على هذه النار نستطيع أن نصبر؟! .عباد الله: لنرجع إلى القرآن، ثم لنسمع قول المولى جلَّ وعلا، لنسمع قول الحق تبارك وتعالى الذي لا مرية فيه:


عباد الله: إن الله عز وجل لما أخبرنا عن النار في القرآن العظيم, وحذرنا منها أخبرنا بالأعمال التي توصل إليها، حتى لا يكون لأحد على الله حجة يوم القيامة, وكذلك أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سنته المطهرة.......
فمن أسباب دخول النار الشرك بالله : بأن يجعل لله شريكاً في الربوبية أو الألوهية أو الأسماء والصفات, فمن اعتقد أن مع الله خالقاً مشاركاً، ولو كان يعتقد انفراد الله بالخلق, أو اعتقد أن مع الله إلهاً يستحق أن يعبد أو عبد مع الله غيره، فصرف شيئاً من أنواع العبادة إليه, أو اعتقد أن لأحد من العلم والقدرة والعظمة ونحوها مثل ما لله عز وجل، فقد أشرك بالله شركاً أكبر واستحق الخلود في نار جهنم، قال الله عز وجلَّ:


ومن أسباب دخول النار الكفر بأركان الإيمان: الكفر بالله عز وجلَّ أو بملائكته أو كتبه أو رسله أو اليوم الآخر أو قضاء الله وقدره, فمن أنكر شيئاً من ذلك تكذيباً أو جحداً أو شكاً فيه فهو كافر مخلد في النار, قال الله تعالى:


ومن أسباب دخول النار إنكار ركن من أركان الإسلام الخمسة: فمن أنكر توحيد الله أو الشهادة لرسوله صلى الله عليه وسلم بالرسالة, أو عمومها لجميع الناس, أو أنكر فريضة الصلوات الخمس, أو أنكر فريضة الزكاة, أو أنكر صوم رمضان, أو أنكر الحج, فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله, وإجماع المسلمين، وكذلك كل من أنكر تحريم قتل النفس التي حرم الله، أو أنكر تحريم الزنا واللواط، و الخمر، أو غيرها مما تحرمه الشريعة الإسلامية وهو ظاهر صريح في كتاب الله، أو في سنة رسوله صلى الله عليه وسلم, من أنكر ذلك أو أحل شيئاً مما حرمه الله فهو كافر؛ لأنه مكذب لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
ومن أسباب دخول النار:
الاستهزاء بالله أو بدينه أو برسوله صلى الله عليه وسلم : قال الله تعالى مصرحاً بكفر من فعل ذلك في كتابه:
وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ
[التوبة:65-66] وهذه هي المصيبة العظمى التي وقع فيها كثير من الناس في هذا الزمان.
الاستهزاء هو: السخرية، وهو من أعمال المنافقين الذين وعدهم الله هذا الوعيد،: 
الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ اللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ

ومن أسباب دخول النار سب الله تعالى : ومن يجترئ أن يسب الله الخالق الرازق المدبر؟! ومن يجترئ أن يسب رب العالمين، الذي بيده ملكوت كل شيء؟! ولكن بعض الناس يتجرأ على الله الذي خلقه من نطفة من ماء مهين، فيسب الله تعالى أو يسب الدين أو يسب الرسول صلى الله عليه وسلم, وهذا هو القدح والعيب ، فمن فعل ذلك فهو كافر, وقد توعده الله بقوله تعالى:


ومن أسباب دخول النار الحكم بغير ما أنزل الله :
فمن حكم بغير ما أنزل الله معتقداً أنه أقرب إلى الحق وأصلح للخلق فهو كافر, لقوله تعالى:

ومن أسباب دخول النار النفاق: نعوذ بالله من النفاق- وهو أن يكون كافراً بقلبه, ويظهر للناس أنه مسلم، وهذه هي المصيبة العظمى, كافر بقلبه، ويظهر للناس أنه مسلم، وإما بقوله أو بفعله، وهذا صنف أعظم كفراً من الكفار, ولذلك كانت عقوبة أصحابه أشد، فهم في الدرك الأسفل من النار؛ وذلك لأن كفرهم جامع بين الكفر والخداع والاستهزاء بالله وآياته ورسوله، قال الله تعالى:




اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية
أما بعد: ومن أسباب دخول النار: عقوق الوالدين والدياثة الذي يقر الخبث في أهله وإدمان الخمر: فقد ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: {ثلاثة حرم الله عليهم الجنة: مدمن الخمر، والعاق لوالديه، والديوث الذي يقر الخبث في أهله } رواه الإمام أحمد والنسائي
ومن أسباب دخول النار: قطيعة الرحم : قال صلى الله عليه وسلم: {لا يدخل الجنة قاطع } قال سفيان رحمه الله: [[أي: قاطع رحم ]], رواه البخاري ومسلم ,
وقال الله تعالى:


عباد الله: ومن أسباب دخول النار: أكل الربا وأكل مال اليتامى وشهادة الزور وأكل الرشوة واليمين الغموس.
والقضاء بين الناس بغير علم, و الغش للرعية, وعدم النصح لهم. والكبر والنميمة.
عباد الله: احذروا أسباب دخول النار, واعملوا بالأسباب التي تبعدكم عنها؛ لتفوزوا بدار القرار, واعلموا أن متاع الدنيا قليل؛ لأنها سريعة الزوال, كما أخبر الله في محكم البيان.
تعليقات
إرسال تعليق