الشباب عماد الأمة وسرُّ نهضتها
عباد الله : إن الشباب هم قوة الأمة وعماد نهضتها، ومبعث عزتها وكرامتها، وهم رأس مالها وعدة مستقبلها، عزهم عزنا، وضعفهم ضعفنا، وخسارتهم خسارتنا؛ فدورهم في الحياة دور عظيم ، ومن يطالع سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم يجد أن معظم أصحابه كانوا شباباً، أصحابَ الهمم العالية، والنفوسَ الزكيةَ، الذين زعزع الله بهم عروش كسرى وقيصر؛ فأخرجوا العباد من عبادة العباد إلى عبادة رب العباد. يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (سبعة يظلهم الله في ظله، يوم لا ظل إلا ظله) وذكر منهم:(شاب نشأ في طاعة الله).عباد الله : لقد علم الغرب أعداء الإسلام أهميةَ دوِِرِِِِِ الشباب في بناء الأمة؛ فحرصوا على أن يطيلوا فترة الغفلة عند الشباب، وهم يعلمون يقيناً أن غداً ليس لهم، وان الإسلام قادم بقدر من الله، وببشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحرصوا حرصاً كبيراً على إلهائهم، وتسميم أفكارهم، وزرع الميوعة والخلاعة في نفوسهم، وخططوا ودبروا لتبديدِ هذه الثروةِ، ثروةِ الشبابِ وتعطيلها وإفسادِ طاقِتها، وتخريب قوتها، فظهر جيل من الشباب مقلِّدٌ لأعداء الله، متشبهٌ بهم، معجبٌ بأطروحاتهم وأفكارهم، متبعٌ لهم، حتى وصل الحال ببعضهم بازدراء أحكام الإسلام، والتخوُّف من الحكم الإسلامي، والسخرية بالملتزمين والمتدينين،﴿إِنَّ الَّذِينَ أَجْرَمُوا كَانُوا مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَضْحَكُونَ * وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ * وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ * وَإِذَا رَأَوْهُمْ قَالُوا إِنَّ هَؤُلَاءِ لَضَالُّونَ ﴾. وظهر جيل آخر من الشباب متشبهٌ بأعداء الله في الظاهر أو المظاهر، فيتسمى بأسمائهم، ويقلدهم في لباسهم، ويتشبَّه بهم في تصرفاتهم وحركاتهم وقصَّاتهم، ويعظم صور لاعبيهم وسفهائهم، وكأنهم لم يسمعوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم:(ومن تشبه بقوم فهو منهم). وظهر جيلٌ آخر من الشباب مترفون، عابثون ساهون لاهون، تافهون تائهون، يهدرون أوقاتهم في سفاهات، ويضيعون شبابهم في شهوات وملذات، لم يفلحوا في دين ولا دنيا؛ فهم في الدراسة راسبون، وفي العمل فاشلون، وفي الحياة تائهون حائرون، يجلسون على الأرصفة والشوارع، يصدون عن سبيل الله، ويتتبعون عورات خلق الله. حياتهم حياة بهيمية، وتصرفاتهم شيطانية، يسهرون ويسمرون، ويتجملون ويتزينون، ويضحكون ويمزحون، وعلى الخبث وأماكن اللهو يتهافتون. يظنون أن الرجولة في تصفيف الشعر وتنسيق الثياب، والوقوف طويلاً أمام المرآة للظهور بمظهر جذاب. وآخرون يظنون أن الرجولة في سماع الأغاني ورفع الصوت بها ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ * فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ ﴾، إنهم جيل القنوات الفضائية، والقصَّات الغربية، والرقصات الهستيرية؛ يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (اغتنم خمسًا قبل خمس: شبابك قبل هرمك، وصحتك قبل سقمك، وغناك قبل فقرك، وفراغك قبل شغلك، وحياتك قبل موتك).
أما الصلاة؛ فحدِّث ولا حرج عن تضييعها وإهمالها، لاسيما صلاة الفجر؛ فكثيرٌ من الشباب قد أضاعها وأهملها وفرَّط فيها، ونام عنها ﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا ﴾. إن إضاعة الصلاة وتركها كبيرة عظيمة من كبائر الذنوب، وجريمة من أعظم الجرائم، سواء بتركها كلية أو بالصلاة أحياناً والترك أحياناً كما يفعل بعض الشباب، الذين يصلون بأهوائهم ورغباتهم؛ فمتى أراد أن يصلي صلى، ومتى أراد أن يترك ترك. فيا أيها الشباب: إن تسعى إلى خيرك؛ فخيرك في رحاب الله، وإن تسعى إلى سعادتك؛ فسعادتك في استقامتك على دين الله؛ فأقبل على الله يقبل عليك الله .
أقول قولي هذا، وأستغفر الله لي ولكم
عباد الله : الشباب هم عدة المستقبل وإذا أردت أن تبين مستقبل أمة فانظر إلى شبابها فإذا وجدته مؤمنا بالله مقتديا برسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا على الطاعة فاعلم أن للأمة غدا مشرقا بالعز والمجد ، أما إذا رأيت شباب الأمة معرضا عن تقوى الله منغمسا في الرذائل فأي مستقبل تتطلع إليه الأمة ،إن الناظر في أحوال شبابنا في هذا الزمان ليقف متألما مما يشاهدة من أمور وأحوال تعصف بهم التيارات وتتخبط بهم الافكار يمينا وشمالا ، فنسأل الله تعالى أن يهدي شبابنا وبناتنا إلى الصواب .
عباد الله : يجب على الشباب أن يدركوا أن مرحلتهم مرحلة خطيرة؛ فهي ضيف لا يعود، وفرصة لن ترجع. وأن يدركوا كذلك حجم المؤامرة وما
يخطط ويحاك لهم، ألا ليت الشباب يعود يوماً ♦♦♦ أنبئه بما فعل المشيب
عباد الله: مرحلة الشباب مرحلة بناء الإنسان وتشييد مستقبله؛ فاختر الأفضل فالصاحب ساحب، وكثير من الشباب الذين وقعوا في الرذائل والمخدرات وقعوا فيها بسبب الرفقة السيئة، الذين شبههم رسول الله صلى الله عليه وسلم بنافخ الكير، إما أن يحرق ثيابك وإما أن تجد منه رائحة خبيثة. فاحذروا أيها الشباب من هذه الشلل الفاسدة، التي تزين الفواحش وتجاهر بالمعاصي؛ فإنهم شياطين الإنس؛ يقول الله سبحانه وتعالى: ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَالَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَاوَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولًا ﴾
اذا ما صحبت القوم فاصحب خيارهم ولا تصحب الأردى فتردى مع الردي
عن المرء لا تسال وسل عن قرينه **** فكل قرين بالمقارن يقتدي
تعليقات
إرسال تعليق