أحكـــــــــــــــــــــــام الأضحيـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــة
@ تعريف الأضحية: ما يذبح من بهيمة الأنعام أيام الأضحى بسبب العيد؛ تقرباً إلى الله عز وجل.
@ وهي من العبادات المشروعة في كتاب الله وسنة رسوله النبي صلى الله عليه وسلم وإجماع المسلمين.
فأما كتاب الله : فقد الله تعالي: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) وقال تعالي:(قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ) (الأنعام:162،163) . وقال تعالى: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ فَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَلَهُ أَسْلِمُوا )(الحج: 34).
@ وهذه الآية تدل على أن الذبح تقرباً إلى الله تعالي مشروع في كل ملة لكل أمة
وأما سنة رسول الله صلي الله عليه وسلم : فقد ثبت مشروعية الأضحية فيها بقول النبي صلي الله عليه وسلم وفعله وإقراره، فاجتمعت فيها أنواع السنة الثلاثة: القول، والفعل، والتقرير.
عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (( من ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه، وأصاب سنة المسلمين)) متفق علية
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: ضحى النبي صلي الله عليه وسلم بكبشين أملحين ذبحهما بيده، وسمي وكبر ووضع رجله على صفاحهما ).
وعن جندب سفيان .البجلي قال: شهدت الأضحى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما قضي صلاته بالناس نظر إلى غنم قد ذبحت فقال: (( من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله)) مسلم
وأما إجماع المسلمين على مشروعية الأضحية فقد نقله غير واحد من أهل العلم . قال في (( في المغني )) : أجمع المسلمون على مشروعية الأضحية .
حكم الاضحية :
وبعد إجماعهم على مشروعية الأضحية اختلفوا : أواجبة هي أم سنة مؤكدة ؟ على قولين :
القول الأول : أنها واجبة ، لقوله ـ تعالى ـ : (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ) (الكوثر:2) فأمر بالنحر ، والأصل في الأمر الوجوب .وهو قول مذهب أبي حنيفة ، وإحدى الروايتين عن الإمام أحمد .
القول الثاني : أنها سنة مؤكدة ، وهو قول الجمهور ، ومذهب الشافعي ، ومالك ، وأحمد في المشهور عنهما ، لكن صرح كثير من أرباب هذا القول بأن تركها يكره للقادر ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن أمته ، فعن على بن الحسين عن أبي رافع رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم كان إذا ضحى ؛ اشترى كبشين أقرنين سمينين أملحين ، فإذا صلى وخطب ؛ أتي بأحدهما وهو قائم في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ، ثم يقول : (( اللهم هذا عن أمتي جميعا من شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ ))
ولقوله صلى الله عليه وسلم : (( إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحي ؛ فليمسك عن شعره وأظفاره ))
أيهما أفضل الأضحية أم التصدق بثمنها :
وذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها ، نص عليه الإمام أحمد رحمه الله وقال ابن القيم : (( الذبح في موضعه أفضل من الصدقة بثمنه
ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها : أنه هو عمل النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين ، فإنهم كانوا يضحون ، ولو كانت الصدقة بثمن الأضحية أفضل ؛ لعدلوا إليها وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعمل عملا مفضولا يستمر عليه منذ أن كان في المدينة إلى أن توفاه الله مع وجود الأفضل وتيسره ثم لا يفعله مرة واحدة
ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها : أن الناس أصابهم ذات سنة مجاعة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في زمن الأضحية ، ولم يأمرهم بصرف ثمنها إلى المحتاجين ، بل أقرهم على ذبحها ، وأمرهم بتفريق لحمها كما في الصحيحين عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( من ضحى منكم فلا يصبحن بعد ثالثة في بيته شيء )) فلما كان العام المقبل قالوا : يا رسول الله ، نفعل كما فعلنا في العام الماضي ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( كلوا وأطعموا وادخروا ، فإن ذلك العام كان في الناس جهد فأردت أن تعينوا فيها )) البخاري ومسلم
وفي صحيح البخاري أن عائشة رضي الله عنه سئلت : أنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لحوم الأضاحي أن تؤكل فوق ثلاث ؟ فقالت : ما فعله إلا عام جاع الناس فيه فأراد أن يطعم الغني الفقير ).
ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها : أن العلماء اختلفوا في وجوبها ، وأن القائلين بأنها سنة صرح أكثرهم أو كثير منهم بأنه يكره تركها للقادر ، وبعضهم صرح بأنه يقاتل أهل بلد تركوها ، ولم نعلم أن مثل ذلك حصل في مجرد الصدقة المسنونة .
ويدل على أن ذبح الأضحية أفضل من الصدقة بثمنها : أن الناس لو عدلوا عنه إلى الصدقة ؛ لتعطلت شعيرة عظيمة نوه الله عليها في كتابه في عدة آيات ، وفعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلها المسلمون ، وسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة المسلمين.
والأصل في الأضحية أنها للحي:
كان النبي صلي الله عليه وسلم وأصحابه يضحون عن أنفسهم وأهليهم خلافا لما يظنه بعض العامة أنها للأموات فقط .
وأما الأضحية عن الأموات ؛ فهي ثلاثة أقسام :
القسم الأول : أن تكون تبعا للأحياء ، كما لو ضحى الإنسان عن نفسه وأهله وفيهم أموات ، فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يضحي ويقول : (( اللهم هذا عن محمد وعن آل محمد )) وفيهم من مات سابقا .
القسم الثاني : أن يضحي عن الميت استقلالا تبرعا ، مثل : أن يتبرع لشخص ميت مسلم بأضحية ، فقد نص فقهاء الحنابلة على أن ذلك من الخير ، وأن ثوابها يصل إلى الميت وينتفع به ؛ قياسا على الصدقة عنه ، ولم ير بعض العلماء أن يضحي أحد عن الميت إلا أن يوصي به .
القسم الثالث : أن يضحي عن الميت بموجب وصية منه تنفيذا لوصيته ، فتنفذ كما أوصى بدون زيادة ولا نقص ،
وقت الأضحية
الأضحية عبادة موقتة لا تجزئ قبل وقتها على كل حال ، ولا تجزئ بعده إلا على سبيل القضاء إذا أخرها لعذر .
1. وأول وقتها بعد صلاة العيد لمن يصلون كأهل البلدان ، أو بعد قدرها من يوم العيد لمن لا يصلون كالمسافرين وأهل البادية ، فمن ذبح قبل الصلاة فشاته شاة لحم ، وليست بأضحية ويجب عليه ذبح بدلها على صفتها بعد الصلاة ؛ ( عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( من ذبح قبل الصلاة فإنما هو لحم قدمه لأهله ، وليس من النسك في شيء ) البخاري
وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( ومن ذبح بعد الصلاة فقد تم نسكه ، وأصاب سنة المسلمين )).
والأفضل أن يؤخر الذبح حتى تنتهي الخطبتان ؛ لأن ذلك فعل النبي صل الله عليه وسلم ، قال جندب بن سفيان البجلي رضي الله عنه : صلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح . رواه البخاري
والأفضل أن لا يذبح حتى يذبح الإمام إن كان الإمام يذبح في المصلى اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه ،
2. وينتهي وقت الأضحية بغروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق ، وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة ، فيكون الذبح في أربعة أيام : يوم العيد ، واليوم الحادي عشر ، واليوم الثاني عشر ، واليوم الثالث عشر . وثلاث ليال : ليلة الحادي عشر ، وليلة الثاني عشر ، وليلة الثالث عشر . هذا هو القول الراجح من أقوال أهل العلم
@ والذبح في النهار أفضل ، ويجوز في الليل ؛ لأن الأيام إذا أطلقت دخلت فيها الليالي ، ولذلك دخلت الليالي في الأيام في الذكر حيث كانت وقتا له كما كان النهار وقتا له ، فكذلك تدخل في الذبح فتكون وقتا له كالنهار .
ولا يكره الذبح في الليل ؛ لأنه لا دليل على الكراهة ، والكراهة حكم شرعي يفتقر إلى دليل .
فى جنس ما يضحى به وعمن يجزىء ؟
الجنس الذي يضحى به : بهيمة الأنعام فقط لقوله تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ) (الحج: 34) . وبهيمة الأنعام هي : الإبل ، والبقر ، والغنم من ضأن ومعز ،
@ ولأن الأضحية عبادة كالهدي ، فلا يشرع منها إلا ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهدى أو ضحى بغير الإبل والبقر والغنم .
@ والأفضل منها : الإبل ثم البقر ثم الضأن ثم المعز ثم سبع البعير ثم سبع البقرة .
@ والأفضل من كل جنس أسمنه ، وأكثره لحما ، وأكمله خلقة ، وأحسنه منظراً ، وفي (( صحيح البخاري )) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أقرنين أملحين( والأملح ما خالط بياضه سواد .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد ، وينظر في سواد ، ويمشي في سواد . أخرجه الأربعة . وقال الترمذي : حسن صحيح
عما تجزئ الاضحية :
وتجزئ الواحدة من الغنم عن الشخص الواحد ، ويجزئ سبع البعير أو البقرة عما تجزئ عنه الواحدة من الغنم ؛ لحديث جابر رضي الله عنه قال : نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية البدنة عن سبعة ، والبقرة عن سبعة . رواه مسلم
فى شروط ما يضحى به , وبيان العيوب المانعة من الإجزاء
الأضحية عبادة وقربة إلى الله تعالى فلا تصح إلا بما يرضاه سبحانه ، ولا يرضى الله من العبادات إلا ما جمع شرطين :
1. أحدهما : الإخلاص لله تعالى ، بأن يخلص النية له ، فلا يقصد رياء ولا سمعة ولا رئاسة ولا جاهاً ، ولا عرضاً من أعراض الدنيا ، ولا تقربا إلى مخلوق .
2. الثاني : المتابعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال الله تعالى : ( وَمَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ)(البينة: 5) فإن لم تكن خالصة لله ؛ فهي غير مقبولة ، قال الله تعالى في الحديث القدسي : (( أنا أغنى الشركاء عن الشرك ، ومن عمل عملا أشرك فيه معي غيري تركته وشركه )) وكذلك إن لم تكن على سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي مردودة ، لقول النبي صلى الله عليه وسلم : (( من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد )) وفي رواية : (( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد ) ، أي مردود .
ولا تكن الأضحية على أمر النبي صلى الله عليه وسلم إلا باجتماع شروطها وانتفاء موانعها .
وشروطها:
1. ان تكون في الوقت المحدد لها
2. أن تكون ملكا للمضحي غير متعلق به حق غيره ، فلا تصح الأضحية بما لا يملكه ؛ كالمغصوب والمسروق والمأخوذ بدعوى باطلة ونحوه ؛ لأن الأضحية قربة إلى الله عز وجل ، وأكل مال الغير بغير حق معصية ، ولا يصح التقرب إلى الله بمعصية .
3. أن تكون من الجنس الذي عينه الشارع ، وهو الإبل والبقر والغنم ضأنها ومعزها .
4. بلوغ السن المعتبر شرعا ، بأن تكون ثنيا إن كان من الإبل أو البقر أو المعز ، وجذعا إن كان من الضأن ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن )) رواه مسلم .
· فالثني من الإبل : ما تم له خمس سنين ،
· والثني من البقر ما تم له سنتان ،
· والثني من الغنم ضأنها ومعزها ما تم له سنة ،
· والجذع من الضأن : ما تم له نصف سنة .
5. السلامة من العيوب المانعة من الإجزاء ، وهي المذكورة في حديث البراء بن عازب رضي الله عنه قال : قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : (( أربع لا تجوز في الأضاحي ـ وفي رواية : لا تجزئ ـ : العوراء البين عورها ، والمريضة البين مرضها ، والعرجاء البين ظلعها ، والكسير التي لا تنقي )) . رواه الخمسة
· الأولى : العوراء البين عورها ، وهي التي انخسفت عينها أو برزت ، فإن كانت لا تبصر بعينها ولكن عورها غير بين أجزأت ، والسليمة من ذلك أولى .
· الثانية : المريضة البين مرضها ، وهي التي ظهر عليه آثار المرض مثل الحمى التي تقعدها عن المرعى ، ومثل الجرب الظاهر المفسد للحمها أو المؤثر في صحتها ، ونحو ذلك مما يعده الناس مرضا بينا ، فإن كان فيها كسل أو فتور لا يمنعها من المرعى والأكل أجزأت لكن السلامة منه أولى .
· الثالثة : العرجاء البين ظلعها ، وهي التي لا تستطيع معانقة السليمة في الممشى ، فإن كان فيها عرج يسير لا يمنعها من معانقة السليمة أجزأت ، والسلامة منه أولى .
· الرابعة : الكسيرة أو العجفاء ( يعنى الهزيلة ) التي لا تنقي ، أي ليس فيها مخ ، فإن كانت هزيلة فيها مخ أو كسيرة فيها مخ أجزأت إلا أن يكون فيها عرج بين ، والسمينة السليمة أولى .
العيوب المكروهة فى الأضحية التي لا تمنع الإجزاء وهي :
الأولي : العضباء ، وهي مقطوعة القرن أو الأذن ، لما روى قتادة عن جري بن كليب عن على بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يضحي بأعضب الأذن والقرن . قال قتادة : فذكرت ذلك لسعيد بن المسيب فقال : العضب : النصف فأكثر من ذلك . رواه الخمسة . وقال الترمذي : حسن صحيح فأما مفقودة القرن والأذن بأصل الخلقة فلا تكره ، لكن غيرها أولى .
الثانية : المقابلة ، وهي التي شقت أذنها من الأمام عرضاً .
الثالثة : المدابرة ، وهي التي شقت أذنها من الخلف عرضاً .
الرابعة : الشرقاء ، وهي التي شقت أذنها طولا .
الخامسة : الخرقاء ، وهي التي خرقت أذنها . لحديث على رضي الله عنه ، قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن ، وأن لا نضحي بمقابلة ولا مدابرة ولا شرقاء ولا خرقاء . رواه الخمسة ،
السادسة ، المصفرة ، وهي التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها ، وهكذا في الخبر ، وفي (( التلخيص )) : أنها المهزولة ، وذكرها في النهاية بقيل كذا وقيل كذا .
السابعة : المستأصلة ، وهي التي ذهب قرنها من أصله .
الثامنة : البخقاء ، وهي التي بخقت عينها ، قال في (( النهاية )) : والبخق أن يذهب البصر وتبقى العين قائمة
التاسعة : المشيعة ، وهي التي لا تتبع الغنم عجفاً وضعفا ، تكون وراء الغنم كالمشيع للمسافر ،
ويلحق بهذه العيوب المكروهة ما يأتي :
1. الأولى : البتراء من الإبل والبقر والمعز ، وهي التي قطع ذنبها ، فتكره التضحية بها قياسا على العضباء ؛ لأن في الذنب مصلحة كبيرة للحيوان ودفاعا عما يؤذيه ، وجمالا لمؤخره ، وفي قطعه فوات هذه الأمور . فأما البتراء بأصل الخلقة فلا تكره لكن غيرها أولى .
وأما البتراء من الضأن وهي التي قطعت أليتها أو أكثرها فلا تجزئ ؛ لأن ذلك نقص بين في جزء مقصود منها .
@ وأما مفقودة الألية بأصل الخلقة فإن كانت من جنس لا ألية له في العادة أجزأت بدون كراهة ؛ لأنها لا نقص فيها عن جنسها ، وإن كانت من جنس له ألية في العادة لكن لم يخلق لها أجزأت ، وفي الكراهة تردد ؛ لأننا إذا نظرنا إليها باعتبار جنسها قلنا : إنها ناقصة بفقد جزء مقصود لكن لا يمنع الإجزاء لأنه بأصل الخلقة ، وإذا نظرنا إليها باعتبار الخلقة قلنا : إنها ناقصة فلم تكره كالجماء . وعلى كل حال فغيرها أولى منها .
2. الثانية : ما قطع ذكره فتكره التضحية به قياسا على العضباء ، فأما ما قطعت خصيتاه فلا تكره التضحية به لما سبق من الحديث : أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى به ، ولأن الخصاء يزيد في سمنه وطيب لحمه .
3. الثالثة : الهتماء ، وهي التي سقط بعض أسنانها ، فتكره التضحية بها قياسا على عضباء القرن ، فإن في الأسنان جمالا ومنفعة ، ففقد شيء منها يخل بذلك . فإن فقد شيء منها بأصل الخلقة لم تكره إلا أن يؤثر ذلك في اعتلافها .
4. الرابعة : ما قطع شيء من حلمات ضرعها ، فتكره التضحية بها قياساً على العضباء. فإن فقد شيء منها بأصل الخلقة لم تكره قياسا على المخلوقة بلا أذن .
وإن توقف ضرعها عن الدر فنشف لبنها أجزأت بلا كراهة ؛ لأنه لا نقص في لحمها ولا في خلقتها ، واللبن غير مقصود في الأضحية ، والأصل الإجزاء وعدم الكراهة حتى يقوم دليل على خلاف ذلك .
فيما يؤكل منها وما يفرق
@ قال الله تعالى : ( لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ) (الحج:28) ، وقال تعالى : ( وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكاً لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ )(الحج: 34)
@ وقال النبي صلى الله عليه وسلم (( كلوا وادخروا وتصدقوا )) . رواه مسلم .
وقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( كلوا وأطعموا وادخروا )) . رواه البخاري ، وهو أعم من الأول ؛ لأن الإطعام يشمل الصدقة على الفقراء والهدية للأغنياء
@ وليس في هذه الآية والأحاديث نص في مقدار ما يؤكل ويتصدق به ويهدى ، ولذلك اختلف العلماء ـ رحمهم الله ـ في مقدار ذلك ، فقال الإمام أحمد : نحن نذهب إلى حديث عبد الله : يأكل هو الثلث ، ويطعم من أراد الثلث ، ويتصدق بالثلث على المساكين ،
@ وقال الشافعي : أحب أن لا يتجاوز بالأكل والادخار الثلث ، وأن يهدي الثلث ، ويتصدق بالثلث ، ويعني الإمام أحمد بحديث عبد الله ما ذكره علقمة قال بعث معي عبد الله ـ يعني ابن مسعود ـ بهدية فأمرني أن آكل ثلثا ، وأن أرسل إلى أهل أخيه عتبة بثلث ، وأن أتصدق بثلث
@ والقول القديم للشافعي يأكل النصف ، ويتصدق بالنصف ؛ لقوله تعالى : (ِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)(الحج: من الآية28)
فجعلها بين اثنين فدل على أنها بينهما نصفين
@ وما ذكرناه من الأكل والإهداء ؛ فعلى سبيل الاستحباب لا الوجوب ، وذهب بعض العلماء إلى وجوب الأكل منها ، ومنع الصدقة بجميعها لظاهر الآية والأحاديث ، ولأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في حجة الوداع من كل بدنة ببضعة ، فجعلت في قدر فطبخت ، فأكل من لحمها وشرب من مرقها . رواه مسلم من حديث جابر(78) .
@ ويجوز ادخار ما يجوز أكله منها ؛ لأن النهي عن الادخار منها فوق ثلاث منسوخ على قول الجمهور
@ ويحرم أن يبيع شيئا منها من لحم أو شحم أو دهن أو جلد أو غيره ؛ لأنها مال أخرجه لله فلا يجوز الرجوع فيه كالصدقة ، ولا يعطي الجازر شيئا منها في مقابلة أجرته أو بعضها ؛ لأن ذلك بمعنى البيع
فيما يجتنبه من أراد الأضحية
عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (( إذا رأيتم هلال ذي الحجة ـ وفي لفظ : إذا دخلت العشر ـ وأراد أحدكم أن يضحي فليمسك عن شعره وأظفاره )) . رواه أحمد ومسلم : ( وَلا تَحْلِقُوا رُؤُوسَكُمْ حَتَّى يَبْلُغَ الْهَدْيُ مَحِلَّهُ)(البقرة: 196) .
Harrah's Cherokee Casino Resort - Mapyro
ردحذفHarrah's Cherokee 태백 출장안마 Casino Resort, profile picture. 김천 출장샵 777 Casino Center Drive, Cherokee, 논산 출장안마 NC 28719. (800) 751-9966. Map 남양주 출장마사지 View 성남 출장안마 Location. 777 Casino Center Drive.