القائمة الرئيسية

الصفحات

الأقصى في خطر

لا يخفى عليكم ما يتعرض له أقصانا الشريف من اعتداءات متتالية وانتهاكات متتابعة نراها بأعيننا ونسمعها بأذاننا، فواجب علينا أن نتذاكر هذه الأحداث العظام وأن نحمل هم أقصانا العظيم .


لأن الأقصى كان قبلة المسلمين، صلى إليه المسلمون ستة عشر شهراً قبل أن يأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم بالاتجاه إلى الكعبة المشرفة .
ولأن الأقصى هو أحد المساجد الثلاثة التي أمر النبي صلى الله عليه وسلم بشد الرحال إليها كما قال صلى الله عليه وسلم ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد ، المسجد الحرام ، ومسجدي هذا ، والمسجد الاقصى ) متفق عليه.
ولأن الله جل وعلا وصف بيت المقدس والمسجد الأقصى بالخير والنماء والبركة فقال سبحانه {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ }
إن الأقصى هو ثاني مسجد وضع في الأرض، كما في الصحيحين من حديث أبي ذر رضي الله عنه وأرضاه قال قلت يا رَسُولَ اللَّهِ أَيُّ مَسْجِدٍ وُضِعَ في الأرض أَوَّلَ قال الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ قال قلت ثُمَّ أَيٌّ قال الْمَسْجِدُ الْأَقْصَى قلت كَمْ كان بَيْنَهُمَا قال أَرْبَعُونَ سَنَةً ) وأخبر صلى الله عليه وسلم أن الدجال لاَ يأتي أَرْبَعَةَ مَسَاجِدَ فذكر الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ والْمَسْجِدَ الأَقْصَى وَالطُّورَ ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم .
عباد الله :
إن الأقصى رمز عقيدتنا وعنوان عزتنا ومسرى ومعراج رسولنا صلى الله عليه وسلم ، فهو بوابة الأرض إلى السماء وهو درة الشام وقلب فلسطين ،ومقر الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، فلابد أن نعرف جيداً قداسة بيت المقدس، وأنها أرض مقدسة ، فإذا علمنا قدسيتها استشعرنا عظمتها . إن اليهود يظنون باستفزازاتهم لأهل بيت المقدس أنهم يستفزون المقدسيين فقط أو يستفزون أهل فلسطين فقط ، وما علم هؤلاء الأنذال المجرمون أنهم يستفزون ويجرحون مشاعر جميع المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها ، إنهم يريدون إقامة دولة إسرائيل وأن تكون القدس عاصمة لهم كما أنهم يسعون سعياً حثيثاً إلى هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم على أنقاض الأقصى ، ولهذا فقد تعرض الأقصى من قبلهم إلى الحرق وإطلاق النار في ساحاته والحفريات المستمرة تحت أساسه والاعتداءات المتكررة والتدخل في شئونه ومحاولة اقتحامه كما فعل كلبهم شارون فجفف الله الدماء في عروقه وجعله معذباً إلى اليوم بين الحياة والموت ، وكل هذه الإستفزازات إنما هي تمهيدات لهدم الأقصى وإسقاطه ، ولا عجب في ذلك فإن مؤسس (قريتهم) يقول لا قيمة لليهود بدون إسرائيل ولا قيمة لإسرائيل بدون القدس ولا قيمة للقدس بدون الهيكل .

إن اليهود بعد أن ضمنوا وطبعوا العلاقات مع الدول العربية الا من رحم الله ، يريدون من عبثهم في هذه الأيام في بيت المقدس أن يطردوا السكان الأصليين من أرض القدس وأن يبعدوهم عن ديارهم ليبنوا مكانها المستوطنات والمغتصبات ، لتكون القدس يهودية خالصة ولهذا فإنهم يهدمون بيوت المقدسيين ويجرفون منازلهم بأدنى الحجج وأتفه الأسباب . إنهم يريدون أن يوسعوا من حفرياتهم في جهات المسجد الأقصى المبارك لينهدم بأبسط قصف أو نسف أو زلزال فالمسجد الأقصى في خطر .

إنهم يريدون أن يغيروا المعالم الإسلامية حول المسجد الأقصى ويستبدلوها بمعالم يهودية {وَقَضَيْنَا إِلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْضِ مَرَّتَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرًا}. إن أقصانا الحبيب قد اجتمع عليه أشرار اليهود وأراذل النصارى يتبعهم أنذال المنافقين العرب ليتلاعبوا بقضية المسلمين الأولى _ قضية الأقصى وبيت المقدس _ فتأمروا عليه تآمراً رهيباً عبر سلسلة طويلة من المؤامرات والقرارات والمؤتمرات فأخرجوا القضية عن ثوابتها الشرعية وأصولها الإسلامية وحقوقها التاريخية فتاهت القضية وضاعت الحقوق الشرعية .
إن ما يجري اليوم في القدس وبيت المقدس إنما هو امتحان شديد لنا أمة الإسلام فنحن اليوم نعيش على مفترق طرق يحيط بنا وبقدسنا ومقدساتنا من كل جانب .
إن الشجب والإستنكار في مثل هذه المواقف لا يجدي شيئا لأن استرجاع الحقوق وتحرير المقدسات لا يأتي عبر هذه الوسائل فما أخذ بالقوة لن يسترد إلا بالقوة. كما يجب أن نعلم أن الأقصى لن يرده الذين يلهثون وراء السراب ويتذللون لكلاب بني صهيون .ولن يتحرر الأقصى على الأيادي القذرة التي تعادي أهل السنة وتسبهم وتلعن الصحابة وتشتمهم.وإنما سيُحررُ الأقصى بإذن الله على أيدي رجال تسيل دموعهم خوفاً من الله ويبكون شوقاً للقاء الله ينصرهم الله بنصره ويؤيدهم بتأييده يقاتل معهم الْحَجَرِ وَالشَّجَرِ فيقول الْحَجَرُ أو الشَّجَرُ يا مُسْلِمُ يا عَبْدَ اللَّهِ هذا يَهُودِيٌّ خَلْفِي فَتَعَالَ فَاقْتُلْهُ كما أخبر بذلك المصطفى صلى الله عليه وسلم } .
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبه الثانيه :ـ
أيها المسلمون، والله ثم والله ثم والله، لا عز لهذه الأمة ولا جامع لكلمتها إلا كتاب الله وسنة رسوله ، فليس بغير دين الله معتصم، به العز والمنعة، وعليه وحده تجتمع الكلمة، ولن يكون لهذه الأمة ذكر ومجد إلا به. لقد تبين لكل ذي لبّ أن النزاع مع هؤلاء الصهاينة نزاع هوية ومصير وعقيدة ودين، وأن حقوق الأمة لن تنال بمثل هذا الخور، إن حقًا على أهل الإسلام أن تربيهم التجارب والوقائع وتصقلهم الابتلاءات والمحن، وإن بلوى نكبة فلسطين وتكرار ذكرها ينبغي أن يكون دافعًا لنا لا محبطا، محركًا للجهود لا جالبًا لليأس من عدم النصر، فلا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون

*** يجب أن نستذكر أمورًا مهمة ونذكّر بها لا سيما مع ذهول كثير من الناس فنقول: إن هذه الأحداث فرصة لتأكيد العودة إلى الدين والشريعة الحقّة غير المشوّهة كتابًا وسنة للاستقاء منهما وتطبيق ذلك حسب فهم علماء السلف والخلف، وأن يكون ذلك هو المرجع الأساس.
*** كما يجب التأكيد أن التعلق أوجب ما يكون الآن أن يكون تعلقًا بالله؛ بقوته ونصره ورزقه وتمكينه ونبذ أعدائه،
*** يجب أن نؤكد مبدأ من أهم مبادئ عقيدتنا الإسلامية وهو المبدأ الذي طالما غيب وتحتاجه الأمة خصوصًا هذه الزمان ألا وهو مبدأ الولاء والبراء، وحاجة الأمة إليه لا سيما عند ظهور الفتن والهرج ، الولاء الكامل للمؤمنين والبراءة من المشركين علميًا وعمليًا ظاهريًا وقلبيًا.
عباد الله، لقد دلت عظات التاريخ وعبر الأيام ومحفوظ التجارب أنه كلما اشتدت وطأة البغي وتعاظم خطره وتفاقم أمره واستفحل شره كان ذلك إيذاناً بانحسار مدِّه وخمود جذوته وتقهقر جنده.

تعليقات