مسقطات القصاص:
يسقط القصاص بأحد أربعة أسباب هي :( موت الجاني // العفو // الصلح // إرث القصاص )المسقط الاول: موت الجاني (فوات محل القصاص):
إذا مات من عليه القصاص، أو قتل ظلماً بغير حق، أو بحق بالردة أو القصاص، سقط القصاص؛ لأن محله هو نفس القاتل، ولا يتصور بقاء الشيء في غير محله. @ وفي هذه الحالة، هل تجب الدية في مال الجاني أو لا؟
1. الحنفية والمالكية : لا تجب الدية في مال القاتل إذا سقط القصاص بالموت ؛ لأن القصاص واجب عيناً، فإذا مات سقط الواجب.
2. الشافعي : الراجح في المذهب وهو أن القصاص واجب عيناً، إلا أن الشافعية قالوا: الدية بدل عن القصاص عند سقوطه بعفو أو غيره كموت الجاني.
3. الحنابلة : إذا سقط القصاص بالموت، بقي الخيار للولي في أخذ الدية؛ لأن الواجب بقتل العمد أحد شيئين: القود أو الدية، فإن اختار أخذ الدية
*******************************************************************************
المسقط الثاني : العفــــــــــــــــــــــــــو:
@ مشروعيته:
يجوز العفو عن القصاص، وهو أفضل من استيفاء القصاص ، بدليل
· قوله تعالى: {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم القصاص في القتلى: الحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فمن عُفي له من أخيه شيء، فاتِّباع بالمعروف } {والجروحَ قصاص، فمن تصدَّق به فهو كفارة له} {وأن تعفوا أقرب للتقوى}
· ومن السنة : «ما رفع إلى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو» «ما من رجل يصاب بشيء في جسده، فيتصدق به إلا رفعه الله درجة، وحط به عنه خطيئة» «ما عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله بها عزاً»
@ وركن العفو: أن يقول العافي: عفوت أو أسقطت أو أبرأت أو وهبت ونحوها .
@ ومعنى العفو :
· عند الحنفية والمالكية: هو إسقاط القصاص مجاناً / أما التنازل عن القصاص مقابل الدية فهو صلح، لا عفو.
· الشافعية والحنابلة : هو التنازل عن القصاص مجاناً، أو إلى الدية، وولي الدم بالخيار: إن شاء اقتص، وإن شاء أخذ الدية، رضي القاتل أم لم يرض، عملاً بحديث أبي هريرة: «من قتل له قتيل فهو بخير النظرين، بين أن يأخذ الدية، وبين أن يعفو».
@ شروط العفو:
1. أن يكون العافي بالغاً عاقلاً، فلا يصح عفو الصبي والمجنون.
2. أن يصدر العفو من صاحب الحق ؛ لأن العفو إسقاط الحق، وإسقاط الحق لا يقبل ممن لا حق له.
@ وصاحب الحق في العفو:
· الجمهور : الورثة رجالاً ونساء
· المالكية. العاصب الذكر
@ ومن لا حق له في العفو:
· الجمهور : هو الأجنبي غير الوارث
· المالكية : غير العاصب
@ أحكام العفو: للعفو أحكام، منها ما يأتي:
اولا: أثر العفو في إسقاط القصاص والدية:
· الحنفية والمالكية : إسقاط القصاص مجاناً. وليس للعافي حينئذ الحق في أخذ الدية إلا من طريق الصلح،
· الشافعية والحنابلة : للولي الحق المطلق في العفو، فإن عفا عن القصاص سقط، وإن عفا على الدية، وجبت على الجاني ولو بغير رضاه،
@ وإذا أطلق الولي العفو أو بعبارة أخرى، إذا صدر العفو من الولي مطلقاً عن القود، ولم يتعرض للدية بنفي ولا إثبات،
· الشافعية: أنه لا دية // لأن القتل يوجب القود عيناً على الراجح عندهم، ولم يوجب الدية
· المالكية: لا دية لعاف مطلق في عفوه إلا أن تظهر بقرائن الأحوال إرادتها، فيحلف على مراده
· الحنابلة : وتجب الدية في هذه الحالة، لانصراف العفو إلى القود؛ لأنه في مقابلة الانتقام
ثانيا : أثر العفو على حق الغير إذا تعدد الأولياء أو كان الولي واحداً:
إذا عفا ولي الدم، وكان واحداً، ترتب عليه أثره: فإن كان العفو مطلقاً ترتب عليه عصمة دم القاتل، فلو رجع عن عفوه، وقتل القاتل، اعتبر الولي قاتلاً عمداً، لعموم تشريع القصاص وآياته التي لم تفرق بين شخص وشخص، وحال وحال، ولأن الجاني بالعفو عنه صار معصوم الدم
@ وإن كان العفو مقيداً بدفع الدية، ( الفقرة بدها رجوع للكتاب )
· الحنفية والمالكية: وجب على الجاني دفع الدية إن تم ذلك برضاه عندهم ،
· الشافعية والحنابلة : وجب على الجاني دفع الدية إن تم ذلك برضاه أو بغير رضاه عندهم
@ وأما إذا تعدد الأولياء:
وأما إذا تعدد الأولياء: فعفا أحدهم، سقط القصاص عن القاتل؛ لأن القصاص لا يتجزأ، وهو شيء واحد، فلا يتصور استيفاء بعضه دون بعض، ويبقى للآخرين حصتهم من الدية.
· لكن سقوط القصاص عند المالكية بعفو أحد المستحقين مقيد بما إذا كان العافي مساوياً لدرجة الباقين ( المساواه في درجة الاولياء ) أو أعلى درجة، أوا ستحقاقاً. فإن كان أنزل درجة أو لم يساو الباقي في الاستحقاق كإخوة لأم مع إخوة لأب، لم يعتبر عفوه .
· وإذا عفا أحد الأولياء، فقتله الآخر،
1. الحنفية : فلا قصاص للشبهة،
2. الشافعية والحنابلة وزفر : عليه القصاص إذا كان عالماً بالعفو؛ لأنه قتل نفساً بغير حق؛ لأن عصمته عادت إليه بالعفو.
ثالثا : هل يبقى حق للسلطان بعد عفو ولي الدم؟
· الحنفية والمالكية : يبقي حق السلطان في عقوبته تعزيراً؛ إذا عفا ولي القتيل مطلقاً عن القاتل عمداً، صح العفو لأن القصاص فيه حقان: حق الله (أو حق المجتمع أو الحق العام)، وحق المجني عليه. وحدد المالكية نوع التعزير فقالوا: إذا عفا ولي الدم عن القاتل عمداً، يبقى للسلطان حق فيه، فيجلده مئة، ويسجنه سنة
· الشافعية والحنابلة: إذا عفي عن القاتل مطلقاً، صح العفو، ولم تلزمه عقوبة أخرى
رابعا : عفو المقتول عمداً عن دمه قبل موته:
إذا عفا المقتول عن القاتل قبل موته
· الحنفية والشافعية والحنابلة : يسقط القصاص عن القاتل، ولا تجب الدية لورثة المقتول من بعده.
· المالكية : لا يسقط ( لانة عفا عن شيء لم يتحقق بعد
@ قاعدة : العفو قبل الموت لا عبرة لة
@ العفو لا يجري الا بعد الموت عند المالكية لان محل العفو غير موجود قبل الموت
*****************************************************************************
المسقط الثالث : الصلح:
@ يجوز الصلح على القصاص باتفاق الفقهاء، ويسقط به القصاص، سواء أكان الصلح بأكثر من الدية أم بمثلها أم بأقل منها، وسواء أكان حالاً أم مؤجلاً، ومن جنس الدية، ومن خلاف جنسها بشرط قبول الجاني؛ لأن القصاص ليس مالاً .
@ أما الصلح على الدية فلا يجوز بأكثر من الدية، حتى لا يقع المتصالحان في الربا.
@ والصلح يختص بالإسقاط بمقابل.
@ أما العفو فقد يقع مجاناً أو في مقابل مال،
1. لكن إن وقع العفو عن القصاص على الدية، اعتبر عند الحنفية والمالكية صلحاً لا عفواً،
2. ويسمى أيضاً عند الشافعية والحنابلة عفواً بمقابل.
@ وقد رغب الشرع في الصلح عموماً في قوله تعالى: {والصلح خير}
@ وقول النبي صلّى الله عليه وسلم: «الصلح جائز بين المسلمين إلا صلحاً أحل حراماً أو حرم حلالاً»
@ ودلت السنة على مشروعية الصلح في الدماء لإسقاط القصاص، بدليل قوله صلّى الله عليه وسلم: «من قَتَل عمداً، دفع إلى أولياء المقتول، فإن شاؤوا قتلوا، وإن شاؤوا أخذوا الدية: ثلاثين حقة، وثلاثين جذعة، وأربعين خَلِفة ، وما صولحوا عليه فهو لهم»
@ وحكم الصلح:
· هو حكم العفو، فمن يملك العفو يملك الصلح،
· وأثر الصلح كأثر العفو في إسقاط القصاص،
· وإذا تعدد الأولياء، وصالح أحدهم الجاني على مال، سقط القصاص، وبقي حق الآخرين في المال.
· وإذا بادر أحد الأولياء بقتل الجاني بعد الصلح، فهو قاتل له عمداً، لكنه لا قصاص عليه عند الحنفية ما عدا زفر. وعليه القصاص عند الشافعية والحنابلة.
· واتفق الفقهاء على أن الصلح الصادر من ولي الصغير أو المجنون أو من الحاكم لا يجوز على غير مال، ولا على أقل من الدية؛ لأنه لا يملك إسقاط حقه، ولأنه تصرف لا مصلحة فيه للصغير.
· فإن وقع الصلح على أقل من الدية صح عند المالكية والحنفية، ووجب باقي الدية في ذمة الجاني، ويرجع الصغير عند المالكية بعد رشده على القاتل في حال ملاءته أي يسره وغناه.
****************************************************************************
المسقط الثالث :ارث القصاص
يسقط القصاص إذا كان ولي الدم هو وارث الحق في القصاص، كما إذا وجب القصاص لإنسان، فمات من له القصاص، فورث القاتل القصاص كله، أو بعضه، أو ورثه من ليس له القصاص من القاتل وهو الابن فتكون لدينا صورتان لإرث القصاص:
1. مثال كون القاتل وارث القصاص: أن يقتل ولد أباه، وللولد أخ، ثم يموت الأخ صاحب الحق في القصاص، ولا وارث له إلا أخوه القاتل، فيصبح القاتل وارث دم نفسه من أخيه، فيسقط القصاص؛ لأن القصاص لا يتجزأ أو لا يتبعض، ولا يصح استيفاء القصاص من شخص طالب ومطلوب في آن واحد. كذلك يسقط القصاص إذا ورث القاتل بعض الحق في القصاص، بأن ورث القاتل أحد ورثة القتيل، ويكون لهؤلاء الورثة نصيبهم من الدية.
2. ومثال كون وارث القصاص من ليس له القصاص من القاتل: أن يقتل أحد الوالدين الوالد الآخر، وكان لهما ولد (ذكر أو أنثى) فيسقط القصاص؛ لأن الولد هو صاحب الحق فيه، ولا يجب للولد قصاص على والده، بدليل أنه لو جنى الوالد على ولده، وقتله، لا يقتص منه؛ للحديث النبوي: «لا يقاد الوالد بالولد» فمن باب أولى لا يقتص للولد من الوالد إذا جنى الوالد على غير ولده.
@ كذلك يسقط القصاص إذا كان للمقتول ولد آخر، أو وارث آخر؛ لأنه لو ثبت القصاص لوجب له جزء منه، ولا يمكن وجوبه، وإذا لم يثبت بعضه سقط كله، لأنه لا يتبعض، وصار الأمر كما لو عفا بعض مستحقي القصاص عن نصيبه منه.
*********************************************************************************
@ العقوبة الأصلية الثانية للقتل العمد عند الشافعية ـ الكفارة:
ورد تشريع الكفارة في القتل الخطأ في القرآن الكريم في آية: {ومن قَتَل مؤمناً خطأ فتحرير رقبة مؤمنة، ودية مسلَّمة إلى أهله إلا أن يصدَّقوا ... } [النساء:92/ 4] إلى قوله تعالى: {فمن لم يجدْ فصيام شهرين متتابعين، توبةً من الله، وكان الله عليماً حكيماً} [النساء:92/ 4] أي أن الواجب تحرير رقبة مؤمنة إن وجدت، فإن لم توجد فصيام شهرين متتابعين. فهل يقاس القتل العمد على القتل الخطأ في إيجاب الكفارة أو لا؟ هناك رأيان للفقهاء أو ثلاثة:
1. قال جمهور الفقهاء (غير الشافعية): لا تجب الكفارة في القتل العمد؛ لأنه لا قياس في الكفارات؛ لأنها مقدرات شرعية للتعبد، فيقتصر فيها على محل ورودها
2. الشافعية : تجب الكفارة في القتل العمد على كل قاتل بالغ وصبي ومجنون وعبد وذمي وعامد ومخطئ، ومتسبب، وفي شبه العمد، أي أن الكفارة تجب سواء أكان القاتل كبيراً عاقلاً أم صغيراً أم مجنوناً، مسلماً أم ذمياً، فاعلاً أصلياً أم شريكاً، مباشرة أم تسبباً، وكان المقتول مسلماً ولو بدار حرب، أوذمياً أو أجنبياً حتى ولو بقتل نفسه. ولا تجب الكفارة بقتل مباح الدم كالحربي والباغي والصائل والمقتص منه، والمرتد والزاني المحصن.
@ وكفارة القتل مثل كفارة الظهارفي الترتيب: عتق رقبة أولاً، فإن لم يجد / فصيام شهرين متتابعين / كما نصت الآية، لكن لا إطعام فيها في الأظهر عند العجز عن الصوم، اقتصاراً على الوارد فيها، إذ المتبع في الكفارات النص، لا القياس، ولم يذكر الله تعالى في كفارة القتل غير العتق والصيام. وعلى هذا فمن لم يستطع الصوم ثبت ديناً في ذمته، ولا يجب شيء آخر. والواجب في عصرنا هو الصوم فقط.
3. المالكية : تستحب الكفارة في قتل الجنين مع وجوب دية الجنين، ولا تجب، خلافاً لأبي حنيفة؛
جزاكم الله خير
ردحذف