مكانة المرأة في الإسلام
عباد الله: إن من حكمة الله تعالى ان خلق من كل شيء زوجين قال تعالى: [وَمِنْ كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ] {الذاريات:49} وجعل سبحانه وتعالى من مقومات هذه الزوجية العيش في جو من المودة والمحبة والألفة، كما شاءت حكمة الله تعالى أن يجعل ذرية بعض البشر ذكوراً وبعضها إناثاً، ويجعل بعض عباده عَقيمًا لا ولد له، قال تعالى:[للهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُور* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ] {الشُّورى:49} . والمتأمل في سيرة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وهم خيرة الخلق؛ يجد أن الله تعالى أعطى إبراهيمَ عليه السلام ذكورًا ، وأعطى لوطًا عليه السلام البناتِ ، وأعطى محمّدًا صلى الله عليه وسلم- ذكورًا وإناثًا لحكمة أرادها الله سبحانه وتعالى .عباد الله: لقد اهتم الإسلام بحقوق المرأة وأكرمها أماً وبنتاً وزوجة بعد أن كان العرب في جاهليَّتِهم يكرهون الإناث، وإذا بشِّر احدهم بالأنثى اسود وجهه وتغير لونة ، قال تعالى: [وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ * يَتَوَارَى مِنَ القَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ] {النحل:58} أي : يختفِي عن الناسِ حياءً مِنهم، ويفَكِّر في وأدها في التراب، فإن أمسَكها؛ أمسكها وهو محتقِرٌ لها، متسخِّط من وجودها، فإذا تمكن منه شيطانه؛ أخذها وحفر لها حفرة، وأهال عليها التّراب؛ قسوةً وكراهيّة لها، قال الله تعالى: ﴿وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ﴾.
عباد الله: ولما جاء الإسلام، وأنزل الله تعالى القرآن ، وبعث نبينا صلى الله عليه وسلم ، رفع مكانة الأنثى وأعطاها المكانة العالية المرموقة. والمتأمل في نصوص الشريعة الغراء يجد أن الإسلام أعلى مكانة المرأة ، وأنزلها منزلة الحب والاحترام ، روى الترمذي عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: "مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ سَمْتًا وَدَلًّا( شكلا ) وَهَدْيًا بِرَسُولِ اللَّهِ فِي قِيَامِهَا وَقُعُودِهَا مِنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَكَانَتْ إِذَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ» ومما يدل على اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بالإناث، وحبُه لهن، وعنايُته بهن، أَنَّه «كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَإِذَا قَامَ حَمَلَهَا».
وقد توج النبي صلى الله عليه وسلم إكرامه للبنات بوصيته الجامعة المانعة «اسْتَوْصُوا بِالنِّسَاءِ خَيْرًا».
عباد الله: للمرأة في الإسلام مكانة سامية، فميلادها فرحة ، ووجودها بشارة ، وهي ريحانة الحاضر وأم المستقبل، تربي الأجيال، وهي رمز الحياء، وعنوان العفة. وقد جعل الإسلام حفَظ البناتِ ورعايتِهن وإكرامِهن سبباً من أسباب الوقاية من النار، قال صلى الله عليه وسلم- «من ابتلي مِنْ هَذِهِ الْبَنَاتِ شَيْئًا فَأَحْسَنَ إِلَيْهِنَّ كُنَّ لَهُ سِتْرًا مِنْ النَّارِ». وقول النبي صلى الله عليه وسلم-: «من ابْتُليَ من هذه البنات » فيه إشارة إلى أن تربية البنات فيها ثواب عظيم وأجر كبير؛ حتى تنشأ على منهج مستقيم، ويكفي في فضل رعاية البنات قول النبي صلى الله عليه وسلم-: ( من كن له ثلاث بنات أو ثلاث أخوات فاتقى الله وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا . وأومأ بالسبابة والوسطى ] ( صحيح )
عباد الله: البنات نعمة وهبة من الله، هن الأمهات، وهن الأخوات، وهن الزوجات، جعل الله البنت مفتاح الجنة لوالديها، تسهل لهما الطريق إليها، تبعدهم عن النار، بل تضمن لهم أن يحشروا مع النبي -صلى الله عليه وسلم لمن أحسن إليهن، فهنيئاً لكم ايها الاباء بهذا الشرف من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، كيف لا وأنت بإحسان تربيتهن تعد شعباً وتبني مجداً.
أقول قولي هذا، وأستغفِرُ الله لي ولكم فاستغفروه .
عباد الله: البنات أمانة في أعناقكم، حافظوا عليهن ، وابذلوا غاية الوسع في تعليمهن و تربيتهن على القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة ، قال تعالى[يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ] {التَّحريم:6}
فالواجب على الأب أن يربي ابنته على مكارم الأخلاق ومحمود العادات وأن يحثها على مرافقة الصالحات، وأن يجنبها مرافقة أهل السوء والأهواء.
تعليقات
إرسال تعليق