القائمة الرئيسية

الصفحات

التشبه بالكفار وتهنئتهم بأعيادهم (الكريسمس )

التشبه بالكفار وتهنئتهم بأعيادهم (الكريسمس )

أَمَّا بَعْدُ عِبَادَ اللهِ: إِنَّ دِيْنَكُمْ الذِي تَدِينُونَ بِهِ قَدْ أَكْمَلَهُ لَكُمْ رَبُّكُمْ، وَرَضِيَهُ لَكُمْ شِرْعَةً وَمَنْهَجَاً، فَمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ أَعَزَّهُ اللهُ، وَمَنِ ابْتَغَى الْهُدَى فِي غَيْرِهِ أَذَلَّهُ اللهُ، وَمَنْ تَرَكَهُ وَرَغِبَ عَنْهُ قَصَمَهُ اللهُ.
عِبَادَ اللهِ: َّ إِنَّهُ مِمَّا ابْتُلِيَ بِهِ كَثِيرٌ مِنَ الْمُسْلِمِينَ فِي هَذَا الزَّمَنِ أَنَّهُمْ أَصْبَحُوا يَأْخُذُونَ كُلَّ مَا يُسَاقُ إِلَيْهِمْ، وَيَنْسَوْنَ أَنَّ لَدَيْهِمْ دِينَاً عَظِيمَاً جَاءَ بِصَلَاحِ أَحْوَالِهِمْ ، وَأَنَّ الْعِزَّةَ فِيهِ، وَفِي اتِّبَاعِهِ، قَالَ اللهُ -عز وجل-: (مَن كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلِلَّهِ الْعِزَّةُ جَمِيعًا) [فاطر: 10]. وَإِنَّ مِمَّا يَنْدَى لَهُ الْجَبِينُ، وَيَحْزَنُ لَهُ الْفُؤَادُ: أَنَّ مَنْ جَرَى خَلْفَ الْغَرْبِ وَالشَّرْقِ إِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُمْ تَوَافِهَ الأُمُورِ، وَأَرْدَأَ مَا عِنْدَهُمْ، وَأَمَّا أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُمْ مَا تَفَوَّقُوا بِهِ، فَلَمْ يَنْجَحْ فِيهِ أُولَئِكَ اللَّاهِثُونَ خَلْفَهُمْ، وَهَذَا أَمْرٌ مُحْزِن حَقًّا.
عِبَادَ اللهِ: إِنَّ التَّشَبُّهَ بِالْكُفَّارِ، وَتَقْلِيدَهِمْ، وَالسَّعْيَ وَرَاءَهُمْ، أَمْرٌ جَاءَتِ الشَّرِيعَةُ بِمَقْتِهِ، وَالتَّحْذِيرِ مِنْهُ، قَالَ اللهُ -تعالى-: (وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلاَ تَتَّبِعُواْ السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَن سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُم بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153].
عِبَادَ اللهِ : لقد حذّرنا الرسول -صلى الله عليه وسلم- من اتباع طريقهم، فَعَنِ ابْنِ عُمَرَ -رضي الله عنهما- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ تَشَبَّهَ بِقَوْمٍ، فَهُوَ مِنْهُمْ"َ ( صَحَّحَهُ والألباني].
فَتَأَمَّلْ -أَيُّهَا الْمُسْلِمُ-: هَذَا الْحُكْمَ الْعَامَ فَكُلُّ مَنْ تَشَبَّهَ بِأُنَاسٍ نُسِبَ إِلَيْهِمْ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ؛ فَمَنْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الإِسْلامِ فَهُوَ مِنْهُمْ، وَمَنْ تَشَبَّهَ بِأَهْلِ الصُّلْبَانِ فَهُوَ مِنْهُمْ! فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ.
و قال رسول -صلى الله عليه وسلم-: "لتتبعن سنن من كان قبلكم حذو القذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه". قالوا: يا رسول الله: اليهود والنصارى؟! قال: "فمَن؟!". أي: فمن يكون المقصود غيرهم؟!
فالرسول -صلى الله عليه وسلم- أخبرنا أنه سيأتي أقوام من أمته يتابعون طريق الكفرة من اليهود والنصارى، يتابعونهم في أعيادهم، في أخلاقهم، في لباسهم ،في قصاتهم ،في حركاتهم وسكناتهم ، في تحياتهم، حتى من شدة تقليدهم لهم لو دخل هؤلاء القوم جحر الضب لدخله المسلمون من شدة تقليدهم ومن شدة اتباعهم. ولا يطبق هذا إلا أراذل الناس، وأما المسلمون حقًّا فينفرون من تقليدهم، وينفِّرون غيرهم.

عِبَادَ اللهِ: َإِنَّ الصُّوَرَ التِي انْتَشَرَتْ فِي مُجْتَمَعِنَا الْمُسْلِمِ مِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ مُتَعَدِّدَةٌ وَمُتَنَوِّعَةٌ؛ فَمِنْهَا: تَبَرُّجُ النِّسَاءِ، وَهَذَا لَهُ أَلْوَانٌ وَأَشْكَالٌ، وفِي الأَلْبِسَةِ وَقَصَّاتِ الشَّعْرِ وَغَيْرِهَا من الْمَلَابِسِ الرِّيَاضِيَّةِ التِي تَحْمِلُ شِعَارَاتِهِمْ وْأَسْمَاءَهِمْ ؟ وَهَذَا عَلَى مَرْأىً وَمَسْمَعٍ مِنَ الأَوْلِيَاءِ، وَلَا أَحَدَ يُحَرِّكُ سَاكِنَاً أَوْ يَنْكِرُ مُنْكَرَاً!.
عِبَادَ اللهِ: وَمِنَ التَّشَبُّهِ بِالْكُفَّارِ: الاحْتِفَالُ بِأَعْيَادِهِمْ، وَكَذَا الأَيَّامُ والأَسَابِيعُ التِي ابْتَدَعُوهَا؛ فَمِنَ الاحْتِفَالِ بِالْمَوْلِدِ النَّبَوِيِّ إِلَى الاحْتِفَالِ بِلَيْلَةِ الإِسْرَاءِ وَالْمِعْرَاجِ، إِلِى إِحْيِاءِ عِيْدِ الحُبِّ الوَثَنِي عِنْدَ الشَّبَابِ وَالشَّابَات، وَهَذِهِ كُلُّهَا أُحْدِثَتْ مُحَاكَاةً لِلْكُفَّارِ و تَزْدَادُ يَوْمَاً بَعْدَ يَوْمٍ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ.
وَمِنْ أَخْطَرِ مَا يَجِبُ التَّنْبِيهُ عَلَيْهِ، هُوَ: عيد الاحْتِفَالُ بِعِيدِ رَأْسِ السَّنَةِ، وَالْمُسَمَّى عِنْدَهُمْ بِالْكِرِسْمَسْ، وَهُوَ احْتِفَالٌ مُرْتَبِطٌ بِشِعَارَاتٍ دِينِيَّةٍ عِنْدَهُمْ، وَهُوَ مِيْلَادُ الْمَسِيحِ عِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ -عليه السلام- فَالاحْتِفَالُ بِهِ محرم، وَكَذَلِكَ الْمُشَارَكَةُ فِيهِ أَوْ إِعَانَتُهِمْ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، يَقُولُ سبحانه: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ) [الفرقان: 72].
قَالَ جَمْعٌ مِنَ السَّلَفِ: "أَيْ: لا يَحْضُرُونَ أَعْيَادَ الْكُفَّارِ". وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ تَحْذِيرُ أَوْلَادِنَا مِنْ مُشَارَكَتِهِمْ أَوْ تَهْنِئَتِهِمْ.
و في هذا اليوم يدخلون كنائسهم ويرفعون صلبانهم، ويتبركون بشجرة الميلاد ونحو ذلك من الخرافات والخزعبلات؛ ويحتفلون في الفنادق وحانات الخمور، ويفعلون الرقص والمجون، ويشربون الكؤوس والخمور، ويفعلون الفواحش، ويعتقدون في تلك الليلة اعتقادات ضالة.
وينظر المسلم الصادق إلى هؤلاء الضُّلاَّل كما نظر الصحابي الجليل أبو الدرداء، نظر إلى النصارى وهم في صوامعهم، وعندما رآهم بكى؛ لأنه تذكّر قوله -تعالى-: (هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْغَاشِيَةِ * وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ خَاشِعَةٌ * عَامِلَةٌ نَاصِبَةٌ) [الغاشية:1-3]، يعبدون الله على ضلال ، لكن؛ والنهاية: (تصلى ناراً حامية)، لماذا؟! لأن عقيدتهم في الله فاسدة ضالة، فكانت النهاية: تصلى نارًا حامية.
أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيم.
أَمَّا بَعْدُ: عباد الله: لقد أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة بغيره أذلنا الله، وكلما ازددنا تمسكًا وتطبيقًا لديننا ازددنا عزًّا ورفعة، و كلما ابتعدنا عن الدين نقص عزنا وزاد ذلنا، ومهما ابتغينا العزة بغير الدين أذلنا الله.

قَالَ العلماء ومنهم الشَّيْخُ مُحَمَّدٌ بن صالح الْعُثَيْمِينُ -رحمه الله-: "تَهْنِئَةُ الْكُفَّارِ بِعِيدِ الْكِرِسْمَسْ أَوْ غَيْرِهِ مِنْ أَعْيَادِهِمْ الدِّينِيَّةِ حَرامٌ بِالاتِّفَاقِ، كَمَا نَقَلَ ذَلِكَ ابْنُ القَيِّمُ -رحمه الله- فِي كِتَابِهِ "أَحْكَامُ أَهْل الذِّمَّةِ" حَيْثُ قَالَ: وَأَمَّا التَّهْنِئَةُ بِشَعَائِرِ الْكُفْرِ الْمُخْتَصَّةِ بِهِ فَحَرَامٌ بِالاتِّفَاقِ، مِثْلُ أَنْ يُهَنِّيَهُمْ بِأَعْيَادِهِمْ وَصَوْمِهِمْ، فَيَقُولُ: عِيدٌ مُبَارَكٌ عَلَيْكَ، وَهُوَ بِمَنْزِلَةِ أَنْ يُهَنِّئَهُ بَسُجُودِهِ لِلصَّلِيبِ، بَلْ ذَلِكَ أَعْظَمُ إِثْمَاً عِنْدَ اللهِ، وأَشَدُّ مَقْتَاً مِنَ التَّهْنِئَةِ بِشُرْبِ الْخَمْرِ، وَقَتْل النَّفْسِ وَنَحْوِهِ، وَكَثِيرٌ "مِنَ النَّاسِ" مِمَّنْ لا قَدْرَ لِلدِّينِ عِنْدَهُ يَقَعُ فِي ذَلِكَ وَلا يَدْرِي قُبْحَ مَا فَعَلَ، فَمَنْ هَنَّأَ عَبْدَاً بِمَعْصِيَةٍ أَوْ بِدْعَةٍ أَوْ كُفْرٍ فَقَدْ تَعَرَّضَ لِمَقْتِ اللهِ وَسَخَطِهِ"

تعليقات