القائمة الرئيسية

الصفحات

كثرة القتل

عباد الله : ان من كثرة الفتن في هذا الزمان، باعتبارها إحدى العلامات البارزة من علامات دنو الساعة التي حذر منها رسول الله - صلى الله عليه وسلم و بالغ في التحذير منها، والتنبيه على خطورتها ، وفظاعة آثارها، ألا وهي "كثرة القتل".
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى يَكْثُرَ الْهَرْجُ". قَالُوا: "وَمَا الْهَرْجُ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟". قَالَ: "الْقَتْلُ، الْقَتْلُ" متفق عليه.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: "لاَ تَقُومُ السَّاعَةُ حَتَّى تَظْهَرَ الْفِتَنُ، وَيَكْثُرَ الْكَذِبُ، وَتَتَقَارَبَ الأَسْوَاقُ، وَيَتَقَارَبَ الزَّمَانُ، وَيَكْثُرَ الْهَرْجُ". قِيلَ: "وَمَا الْهَرْجُ؟". قَالَ: "الْقَتْلُ" أحمد وهو في الصحيحة.
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: "يَتَقَارَبُ الزَّمَانُ، وَيَنْقُصُ الْعَمَلُ، وَيُلْقَى الشُّحُّ، وَيَكْثُرُ الْهَرْجُ". قَالُوا: "وَمَا الْهَرْجُ؟". قَالَ: "الْقَتْلُ، الْقَتْلُ" متفق عليه.
عباد الله : لقد سأل حذيفة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الساعة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "علمها عند ربي لا يجليها لوقتها إلا هو"، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها: إن بين يديها فتنةً وهرجا". قالوا: "يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها، فالهرج ما هو؟". قال: "بلسان الحبشة: القتل، ويُلقى بين الناس التناكر، فلا يكاد أحد أن يعرف أحدا" أحمد وهو في الصحيحة.
ولما ذكر النبي - صلى الله عليه وسلم - الفتنة، التي يكون النائم فيها خيرا من المضطجع، والمضطجعُ فيها خيرا من القاعد.. قال له عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه -: "يا رسول الله، ومتى ذلك؟".
قال: "ذلك أيام الهرج". قلت: "ومتى أيام الهرج؟". قال: "حين لا يأمن الرجل جليسه". قلت: "فبم تأمرني إن أدركت ذلك الزمان؟". قال: "اكفف نفسك، ويدك، وادخل دارك" أحمد وهو في الصحيحة.
فانظر - بارك الله فيك - إلى دوران كلمة "الهرج" في هذه الأحاديث، وكيف ارتبطت بما يصيب الناسَ من فساد الخلق، وقلة الدين، وقلة العمل، وكثرة الكذب، وانتشار الشح، وإنكار بعض الناس لبعض، بمن فيهم الأقرباء والأصحاب، حتى إن الواحد منهم لا يكاد يأمنُ جليسَه أو يستأمنُه. ولذلك زاد النبي - صلى الله عليه وسلم - الأمر وضوحا، وبين أن القتل المذكور ليس قتل المسلمين للمشركين - كما قد يتبادر إلى الذهن -، وإنما هو قتل المسلم للمسلم، بل قتل الجارِ لجاره، والقريبِ لقريبه، كأبيه، وأمه، وجدته، وأخيه، وعمه، وخاله..
قال - صلى الله عليه وسلم -: "إن بين يدي الساعة الهرج" قالوا: "وما الهرج؟". قال: "القتل، إنه ليس بقتلكم المشركين، ولكن قتلُ بعضكم بعضا، حتى يقتل الرجلُ جارَه، ويقتلَ أخاه، ويقتل عمه، ويقتل ابن عمه". قالوا: "ومعنا عقولنا يومئذ؟". قال: "إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان، وَيَخْلُفُ لَهُ هَبَاءٌ من الناس، يحسب أكثرهم أنهم على شيء، وليسوا على شيء" صحيح سنن ابن ماجة.
وجعلهم هباء لأنهم ليسوا بشيء، وليسوا على شيء، يفسدون ولا يصلحون، ضررهم كثير، ولا نفع يرجى من ورائهم، وإن كانوا على هيئة العقلاء، معيشة، ولباسا، وكلاما، إِذْ نزعت منهم العقول، وسلبت منهم الإرادة. ولذلك تعجب الصحابة الكرام حتى قالوا: "ومعنا عقولنا يومئذ؟".
عباد الله :وها نحن نسمع ونرى بين الفينة والأخرى بمَن قتلَ أمه بسبب خلاف يسير، ومن قتلت ابنها . وهكذا تتناسل أحداث الاعتداء على الأصول والفروع المؤلمة، مؤشرة على فقد عقول أصحابها - كما أخبر الصادق المصدوق - صلى الله عليه وسلم -.
ومن مظاهر القتل الذي كثر في زماننا، هذه الحروب الطاحنة، التي أَعْمتها المصالح الخاصة، والمطامع الدنيوية، وحب السيطرة والتفوق،.
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ، لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ لاَ يَدْرِى الْقَاتِلُ فِي أَيِّ شَىْءٍ قَتَلَ، وَلاَ يَدْرِي الْمَقْتُولُ عَلَى أَيِّ شَيْءٍ قُتِلَ" مسلم.
فانظر إلى العالم كيف ينفق على التسلح المبالغ الهائلة التي صممت لحصد أرواح عشرات الملايين من القتلى، أليس هذا هو الهرج الذي حذر منه الرسول - صلى الله عليه وسلم -؟.
عباد الله : ان مجرد حمل السلاح في وجوه المسلمين حرام. قال - صلى الله عليه وسلم -: "من حمل علينا السلاح، فليس منا" متفق عليه.
كما أن ترويع الآمنين، وتخويفهم، واستفزازهم مما نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم - ولو على سبيل المزاح، فكيف لو وقع حقيقة. يقول - صلى الله عليه وسلم -: "لا يحل لمسلم أن يروع مسلما" صحيح الترغيب؟

ويقول صلى الله عليه وسلم "إن من ورطات الأمور التي لا مخرج لمن أوقع نفسه فيها، سفكَ الدم الحرام بغير حله" البخاري.

عباد الله: أن الكعبة على حرمتها وعظمتها تهون عند حرمة دم الرجل المسلم.(نظر عبد الله بن عمر رضي الله عنه يوما إلى الكعبة فقال : ما أعظمك وأعظم حرمتك والمؤمن أعظم حرمة منك) ( حسن )
بل إن ذهاب الدنيا كلها وزوالها أهون عند الله من قتل المسلم الذي يشهد أن لا إله إلا الله
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( قتل المؤمن أعظم عند الله من زوال الدنيا) صحيح الألباني.
أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
قال تعالى: ﴿ مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا ﴾ [المائدة: 32].
عباد الله :إِنَّ اسْتِحْلَالَ قَتْلِ الْنَّاسِ، وَالْاسَتِهَانَةَ بِأَرْوَاحِهِمْ، وَالْوُلُوغَ فِي دِمَائِهِمْ يَنْشَأُ عَنِ الجَهْلِ بِعَاقِبَةِ ذَلِكَ عِنْدَ الله - تعالى -، وَعَنْ ظُلْمٍ فِي النَّفْسِ وَكِبْرٍ وَعُلُوٍّ عَلَى النَّاسِ، يَرَى الْقَاتِلُ فِيْهَا نَفْسَهُ فَوْقَ المَقْتُولِ، وَحِينَئِذٍ فَإِنَّهُ لَوِ اسْتَحَلَّ دِمَاءَ شُعُوْبٍ بِأَكْمَلِهَا؛ فَإِنَّ قَلْبَهَ لَا يَتَحَرَّكُ، وَلَا تَطْرِفُ عَيْنُهُ، وَلَا تَلُومُهْ نَفْسُهُ، كَأَنَّهُ يَرَى أَنَّ هَؤُلَاءِ الْبَشَرَ مَا خُلِقُوا إِلاَّ لِيَسْتَعْبِدَهُمْ أَوْ يُحَقِّقَ مُرَادَهُ مِنْهُمْ أَوْ يَقْتُلَهُمْ.
وَلِأَجْلِ مَا فِي النَّفْسِ الْبَشَرِيَّةِ مِنَ الظُّلْمِ وَالْعُدْوَانِ، وَالتَّعَطُّشِ لِسَفْكِ الدِّمَاءِ عِنْدَ الْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ جَاءَتْ نُصُوْصُ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ حَاسِمَةً قَوِيَّةً مُرْهِبَةً مِنَ الْقَتْلِ، تَعِدُ مَنِ اسْتَحَلَّ الدِّمَاءَ المَعْصُومَةَ فسَفكهَا، أَوِ اسْتَهَانَ بِهَا فَأَعَانَ عَلَى قَتْلِهَا، تَعِدُهُ بِأَشَدِّ الْوَعِيْدِ وَأَعْنَفِهِ لم يرد مثله في جميع أصحاب الكبائر وليس له يوم القيامة إلا النار: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيْهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النِّسَاء: 93]، فَجُمِعَ عَلَيْهِ الْغَضَبُ وَاللَّعْنَةُ وَالْوَعِيدُ بِالنَّارِ وَالْعَذَابِ الْعَظِيمِ الَّذِي لَا يُعْلَمُ عِظَمَهُ إِلَا اللهُ - تعالى -، وَكَفَى بِذَلِكَ زَجَرًا عَنِ الْوُلُوغِ فِي الدِّمَاءِ المَعْصُومَةِ أَوِ الِاسْتِهَانَةِ بِأَمْرِهَا.
. وجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - قتال المسلم كفرا فقال: "سباب المسلم فسوف، وقتاله كفر"؛ متفق عليه.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض" متفق عليه.
ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: "لا يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما" البخاري.

تعليقات