القائمة الرئيسية

الصفحات

أحداث فلسطين المؤلمة وغزه الصمود

قال تعالى {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفْ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ أُولَـئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَـئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ }البقرة157
فأخبر جل وعلا أنه لا بد أن يبتلي عباده بشيء من هذه المذكورات، ووعد الصابرين بالرحمة، ووصفهم بالهداية، وأتم النعمة بصلواته عليهم، فله الحكمة التامة على كل ذلك .

فيا من أصيب بآلام وجروح، ومحن وكروب وأمراض ، أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم

( ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله بها من خطاياه) متفق عليه
أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم : عجبا لأمر المؤمن إن أمره كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن أصابته سراء شكر وكان خيرا له وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرا له . ‌

أما سمعت قول النبي صلى الله عليه وسلم : ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده وماله حتى يلقى الله وما عليه خطيئة(حسنه الألباني.
فهنيئاً بهذه البشائر الجليلة من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم لمن صبر على أقدار الله المؤلمة المحزنة، وتمشى معها بطمأنينة قلب وسكون، وعلم أن الله أرحم به من والديه، ومن الخلق أجمعين، فلجأ إليه وأنزل به جميع الحوائج والشؤون.
عباد الله: إن الناظر إلى أحوال امتنا ليتقطع ألما وان المشاهد لحال إخواننا في فلسطين ليبكي دما ، حصار وظلم واعتداء وتدمير وتخريب وتجويع ، وقتل وإبادة، من غير رحمة ولا هوادة.
ومع هذا لا نقول في هذا المصاب الجلل، والحزن الكبير المؤلم إلا ما يرضي الله انا لله وإنا إليه راجعون.

عباد الله: اعلموا إن من الأمور المقررة في نصوص القرآن العظيم والسنة النبوية، ، أنه ما سلط علينا أعداؤنا من أهل الكفر والضلال، وكثر القتل في صفوفنا، وتوسعت آلامنا، وزادت نكباتنا، وضعفت قوانا، وهنا على الناس، إلا بسبب ذنوبنا وآثامنا ومعاصينا، وصدق الله حيث قال سبحانه {وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ }الشورى30
وقال رسوله صلى الله عليه وسلم في شأن أمته: (ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله إلا سلط الله عليهم عدوهم من غيرهم فأخذوا بعض ما كان في أيديهم ( صحيح الألباني
ألا فلا يغيب عن أذهاننا هذا الأصل، ولا نتناساه أو نغفل عنه.

ونقول لإخواننا في غزة وفلسطين أن يتضرعوا إلى الله تعالى في دفع هذه المكارة والنوازل التي حلت بهم، فإن ذلك من أجل حِكم الابتلاء بالبأساء والضراء، قال سبحانه {وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّبِيٍّ إِلاَّ أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ }الأعراف
بل إنه جل وعلا قد ذم ووبخ أقواماً لم يتضرعوا إليه حين ابتلاهم بالجوع، فقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُم بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ }المؤمنون76
ولتكن لهم أسوة بنبي الله يعقوب عليه السلام حين مصابه، حيث قال: { إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ }يوسف86
وليكونوا على يقين أن النصر مع الصبر، والفرج مع الكرب، وأن مع العسر يسراً.فعليهم أن يصبروا ويصابروا حتى يأتيهم المدد من الله فإن جولة الباطل ساعة وجولة الحق إلى ‏قيام الساعة {فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ }محمد35

أيها المسلمون إن من يسمع ويقرأ ويشاهد عمَّا يجري لأهلنا في فلسطين وغزة ليعلم بذلك شيئاً من حجم المأساة التي يعيشها إخواننا هناك، ولكنه إذا ما رأى الصُوَرَ المنقولة من أرض الواقع خُيِّل إليه أنه لم يقرأ شيئاً ولم يسمع شيئاً، وكأنه الفرق بين علم اليقين وعين اليقين. أما حق اليقين فهو ما لا تفي به العباراتُ ولا الصُّوَرُ إنه الذعر والخراب والدمار والجوع والحصار.

عباد الله : إن العين لتدمع، وإن القلب ليحزن، وإن الكلمات لتنعقد في اللسان أهذه حال أمة محمد صلى الله عليه وسلَّم؟!أهكذا يُعامل العدوُ أمة يقارب تعدادها المليار والنصف بل يزيد؟! أفإن هُنَّا على عدوِّنا، أفنهون على أنفسنا؟!

وهن أمة، وعجزُ المليار الذين هم على حقٍ ديناً ومنهجاً وعقيدةً، ً إنه الوهن حين يكره المسلمون الموت ويؤثرون حياة ذليلة على موت كريم، ويؤثرون حياة يموتون فيها كلّ يوم موتات على موت يحيَون بعده حياة سرمدية قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم: ((يوشك الأمم أن تداعى عليكم كما تداعى الأكلة إلى قصعتها . فقال قائل ومن قلة نحن يومئذ قال بل أنتم يومئذ كثير ولكنكم غثاء كغثاء السيل ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم وليقذفن الله في قلوبكم الوهن . فقال قائل يا رسول الله وما الوهن قال حب الدنيا وكراهية الموت ] صحيح الألباني

عباد الله : سجن كبير يحاصر فيه مليوناً ونصف مليون مسلم بسبب أنهم اختاروا الإسلام نظاماً، وقالوا للكفر وأعوانه تباً وسحقاً وانهزاما ذلكم السجن الكبير الذي يواجهه أهلنا في قطاع غزة.
عباد الله : إن الحصار الحالي لقطاع غزة لم تشهده الأراضي الفلسطينية من قبل ولقد طال هذا الحصار كل شيء حتى الحجر والشجر، بل حتى الأسماك وسفن فك الحصار ً .
ووالله وبالله وتالله لو حدث ربع أو عشر ما يحدث في غزة في أي مكان أو دولة في العالم يقطنها غير مسلمين لاعتبرت هذه الدولة وذلك المكان منطقة ودولة منكوبة تغاث من كل العالم، ولا أدري والله كيف يحكم على مليون ونصف مليون مواطن في غزة بالإعدام ولا يحرك العالم ساكنا؟ أين العدل؟ وأين الإنصاف ا ين هيئات حقوق الإنسان التي تعج العالم شرقيه وغربيه من قضية فلسطين ,بل أين أنتم أيها المسلمون ؟ويا أحفاد الصحابة .
عباد الله : إن المؤمن الصادق لا يمل كثرة الحديث عن مآسي المسلمين وانتهاك حقوقهم وحرماتهم وسلب أراضيهم لأن الكأس تفيض عندما تمتلئ فإلى متى الذل والمهانة والضعف والهزيمة والاستسلام؟! أما آن لهذا الهوان أن ينتهي، وللضعف والذل أن ينقضي .أين غضبة المعتصم ..
أحبتي في الله سيزول الحصار طال أو قصر عن غزة ، ولكن السؤال الذي يفرض نفسه هل سيخلدنا التاريخ وتذكرنا الأجيال القادمة مع الشرفاء أم مع غيرهم؟
هل ستبقي أسماؤنا وأثارنا خالدة كما خلد التاريخ أسماء الخمسة الذي نقضوا صحيفة الحصار عن نبيكم ,فاعلموا أنه ليس من عذر لأحد اليوم يرى حرماته ومقدساته تنتهك، ويرى أطفالاً يقتلون، ونساءاً ترمل ، وشيوخاً يعتقلون، ثم لا ينتصر لإخوانه ولا يحزن لمصابهم، فقدموا عباد الله لأنفسكم معذرة عند ربكم .

أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية :

{أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ }البقرة214

عباد الله : إن قضيتنا عادلة، ولا أدل من عدالتها من الملايين من سكان الأرض من المسلمين، وإن المجاهدين ألأبطال، وقفوا موقفاً لم تقفه الجيوش العربية، ولا نعرفه لغيرهم، وأظهر الله من كرامتهم هذا الصمود والجهاد الذي شاهدتموه ولا يُوفَّق لمثله إلا من أراد الله ، والدار الآخرة، نحسبهم كذلك، ونرى دلائل صدقهم، والله حسيبهم ومولاهم.

عباد الله : اعلموا إن السكوت على ما يحصل لإخواننا في فلسطين وغزه خيانة و خوار، وأما من استمرأ الذل، وعاش عيشة الخرفان، فإنه لا يرى أنسه وسعادته إلا داخل الحظيرة، التي يُهيَّأ فيها ليُذبح متى ما تجهزت مائدة السيد.

نشكو إلى الله ضعف مواقف العرب والمسلمين تُجاه ما يجري، وتخاذلهم عن نصرة المظلوم المسلم ولو بأقل أنواع النصرة، بل تعاون بعضهم مع اليهود لخنق غزة وأهلها طمعاً في القضاء على أي حكمٍ إسلامي محتمل، فكانوا في ذلك كاليهود بل أشد.

ونشكو إلى الله الحالة العامة عند بعض الناس، وكأن الأمر لا يعنيهم، اغان ورقصٌ ومجون وفجور واخوانهم يقتلون ويشردون ويموتون جوعا، إن ضمائر هؤلاء نائمة في إجازة غير شرعية ولا أخلاقية، فهم غرباء عن أمتهم، طالما أن همومهم لا تتجاوز ذاتهم فليهنأ هؤلاء بالنوم الطويل، فقد فوتوا على أنفسهم فرصة إثبات أنهم من الأحياء))

عباد الله : أنه لا يستردُّ مجدٌ ولا يُطلب نصرٌ إلا بالعودة إلى دين الله وسنة رسول الله ، فليس يصلُح أمرُ آخر هذه الأمة إلا بما صلَح به أولها.

تعليقات