القائمة الرئيسية

الصفحات

القنوات الفضائية والمسلسلات الهابطة

القنوات الفضائية والمسلسلات الهابطة

عباد الله: إن من المؤسف المحزن أن يعيش المسلمون الآن في وسط دوامة أمواج عاتية من مفسدات الدين والأخلاق، وما ذاك إلا بسبب تسلط أهل الباطل على أهل الإسلام، وبسبب ضعف الإيمان في قلوب المسلمين، وبسبب انفتاح الدنيا على الناس، وإدخال أسباب الشر في البيوت وسائر أماكن حياة الناس.
وإن مما يعيشه المسلمون في هذه الأيام حرباً ضروس لا تقوم على القتال بالطائرات وغيرها ، إنما تقوم على حرب شعواء تنال العقيدة، والأخلاق، وسائر المعاملات، وهذا لم يتأتَّى إلا لما فرَّط المسلمون في دينهم، وفتحوا أبواب الشر على مصراعيها يستقبلونها عن طريق أجهزة صُنعت خصيصاً من أجل أن تصل لكل بيت، وإن أعداء الملة والدين نجحوا نجاحاً كبيراً في إيصال ما يريدون للمسلمين عبر القنوات الفضائية وشبكات الإنترنت وغيرها من الوسائل الهدامة التي تنشر الشر وتعين أهله، وتحارب الخير وأهله
عباد الله: إن القنوات الفضائية، والتي استعملت استعمالاً يغلب عليه المخالفة لدين الله تعالى تمكنت من الدخولِ إلى المساكن والبيوتِ، تحمل النتن والسموم ، وتبث الرذيلة والمجون والفجور في مشاهدِ زورٍ، ومدارسِ خنا وفجور، تطبع في نفوس النساء والشباب محبة العشقِ والفسادِ والخمورِ، تقتنص القلوب الضعيفة وتصطاد النفوس الغافلة، فتفسد عقائدها، وتحرف أخلاقها وتوقعها في الافتتان والانحراف عن دين الله.
عباد الله: إن القنوات الفضائية التي تغزو الناس في عقر دورهم ووسط بيوتهم محمومة مسمومة محملة بالشر والفساد. فتأثر بذلك هذا النشء الطاهر وتلطخ بسوء نتنها الكبير والصغير، بل وأصبحت هذه القنوات هي المعلمة والموجهة والغارسة لكثير من القيم النشاز المخالفة لصحيح القيم الفاضلة .
عباد الله: تصاعدت في هذه الآونة ظاهرة عرض المسلسلات التركية والهندية( كنور ومهند وكوشي ) علي شاشات القنوات الفضائية بما تحمله من بعض المشاهد التي لا تتناسب مع طبيعة المجتمع المسلم وكون هذه المسلسلات عبارة عن قصص خيالية لا علاقة لها بالواقع يحاول الغرب بها إثارة الغرائز من أجل الوقوع ببنات المسلمين ورجاله وشبابه ، أن أبرز المفاهيم التي تغرسها هذه المسلسلات هي تشجيع العلاقات المحرمة القائمة على الصداقات ، والزنا ، واختلاط الأنساب وقبول الأسرة لتلك الأمور ، بالإضافة إلى تفتيح عقول البنات والسيدات على عمليات الإجهاض المحرمة في الشريعة الإسلامية ، باعتبارها حل لكل المشاكل التي تختص بالعلاقات الغير مشروعة بين الرجال والنساء ، ونشر ثقافات الأزياء الغربية الفاضحة ، فضلاً عن تعاطي الخمور والمسكرات ، لقد أصبح أبناؤنا في كل مكان أسرى لتلك البرامج التلفزيونية ، إن تشكيل عقول أبنائنا قد سلب منا وأصبح من مسؤولية الآخرين؟
ما الذي دفع النساء والفتيات إلى الخروج بهذا البنطال الضيق يعرضن أجسادهن على رواد الشوارع والأسواق إلا هذه العروض للأزياء التي تعرض في مثل هذه الآلة !
ما الذي دفع شبابنا إلى تقليد الغرب الكافر ،والظهور بمظاهر مضحكة مخزية! فهذا يحلق نصف شعره! وهذا يحلق حاجباة ، وهذا يتمايل في كلامة ، إلا هذه الآلة الفاسدة.
عباد الله : يوماً وراء يوم، تترسخ في منازلنا ، ثقافات جديدة علينا وعلى أبنائنا، ورويداً رويداً، فقدنا القدرة على السيطرة على رقابتنا وموقفنا من تلك الوسائل. يقول رسول الله _صلى الله عليه وسلم( كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته".
عباد الله: هل هذا هو الزمان الذي يحق للمرء فيه أن يغلقَ عليه بيتَه ويغلقَ عنه منافذ العالم كله ليأمن على نفسه من الفتنة والأذى..؟ كما قال صلى الله عليه وسلم ( يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شغف الجبال ومواقع القطر يفر بدينه من الفتن . رواه البخاري .
عباد الله: إن من أشد أخطار هذا الزمان الذي نعيشه خطر هذه القنوات فقد بدا أثرها في مجتمعنا ، حتى رأينا بأعيننا ما يعانيه الابناء من الاقتداء بأهل الغرب والشرق في كل صغيرة وكبيرة ويتأثرون بهم .
عباد الله: إن أعداء الاسلام يوجهون كل ما يملكون من وسائل مصورة ومسموعة ومقروءة لجلب المسلمين إلى محبتهم وتعظيمهم والاقتداء بهم،[إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ فَسَيُنْفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ ] {الأنفال:36} ، وهذا هو المشاهد الآن، وهذا هو المطابق لقول النبي صلى الله عليه وسلم (لتتبعن سنن من قبلكم شبرا بشبر وذراعا بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب تبعتموهم ) متفق عليه
عباد الله: يريد أولئك البغاة الذين يعتدون علينا في بيوتنا من خلال تلك القنوات الهابطة الساقطة أن نميل إلى باطلهم عبر مسلسلاتهم التي تسحَق كل فضيلة عرفها أولادنا وتربّوا عليها، وتزيِّن في أعينهم الرذيلة، دراما تركيَّة علمانيَّة بحته , سلبت عُقول الأبناء و البنات والأطفال بل حتى الآباء و الأمهات مسلسلات ضياع ودمار دمرّت الأخلاق وشوّهت نور الإسلام وعاثت بالمُسلمين شَّر فســــاد .


عباد الله : والله وبالله وتالله وهالله إنها لغصةً في الحلق حينما يتنازل الآباء عن فلذات أكبادهم بالسماح لهم بمُشاهدة هذهِ المناظر الفاسدة والرومانسيَّة الكاذبة والأخلاق الزائفة ,, والأدهى والأمّر أن يجلس الآباء والأبناء لمُشاهدة هذهِ المُسلسلات الهابطة !أين الإيمان بل أين العقول بل أين الرجولة بل أين الغيرة ؟ ألهذهِ الدرجة وصلنا للضعف ، هذا هو واقع ما يسمى بالمسلسلات التركية والهندية فيروس قاتل ، تنقل إلى المجتمع المسلم ثقافة هجينة ، وسلوكاً مستنكراً . يوم يتربى عليها أبناؤنا فيتربون على أنه من الطبيعي جدا أن يقبل أن يكون لأخته أو لإبنته عشيقاً بدعوى الحرية الشخصية التي تثقفهم بها هذه المسلسلات .بل الأدهى من ذلك يوم يتربى أبناؤنا على حب محرَّم ، وحمل من الزنا ، ومشاهد غرامية ، ولقطات ساخنة ، و علاقات غير شرعية ، وعبث بالمسلَّمات الإيمانية والمعلوم من الدين بالضرورة ، يشاهدون هذا بشكل يومي وبمتابعة دورية ومنتظمة هل تعلمون ماذا لو استمرت هذه المسلسلات سيصبح بمقدور ابناءنا فعل كل ما تبرمجوا عليه من هذه المسلسلات اقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
اما بعد: عند تدبّر كتاب الله والتأمل فيه نرى فيه نهيا وتحذيرا عن الفساد، ومن أعظم الفساد إضلال الناس في أخلاقهم وتشكيكهم في دينهم، وهو خلق المنافقين وسبيل المجرمين الذين إذا قيل لهم: "لا تفسدوا في الأرض" قالوا: "إنما نحن مصلحون"، ألا إنهم هم المفسدون ولكن لا يشعرون.
عباد الله : أن أعداء الملة يريدون لنا الهلاك والدمار، وما تلك المظاهر السيئة التي بدأت تظهر في أوساط المسلمين إلا بسبب ضعف الإيمان والتأثر بقنوات شياطين الإنس والجان. قال تعالى [وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِدًا] {الكهف:59}
عباد الله: نذكّر من ابتلي بمشاهدة هذه المحرّمات بتقوى الله وطلب التوبة بإخلاصٍ حتى يعينه الله، وعليه بالدواء الناجع الذي تطيب به القلوب القاسية (( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آياتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًَا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ[الأنفال:2].
أما أنت أيها الأب، يا من جلب هذه الأجهزة إلى منزله بلا ضبط وتركها لتضيّع أهلَ بيته ويرضى لهم مثل هذه الخبائث ألا تتذكرون قول الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقول رسول الله ) كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)). و (ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة)) ..فالبدار البدار ـ أيها الآباء ـ بتطهير منازلكم من كل هذه المنكرات.
أما أنتم أيها الشباب وايتها الفتيات ، اعلموا أنكم مسئولون عن أوقاتكم وأعماركم ، واعلموا أنكم مستهدَفون من أعدائكم لاختلالكم، وإن المرءَ يحشر يومَ القيامة مع من أحبّ
وأخيراً: لا يخفى عليكم أن هذه الفضائيات سلاح ذو حدين، فيها الضار وفيها النافع .

تعليقات