القائمة الرئيسية

الصفحات

التبرج والسفور بين النساء

إن الناظر في لباس بناتنا في هذا الزمان ليتقطع ألما وحسره مما يشاهده من تبرج وعري وسفور يقول الله تعالى {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى }الأحزاب33
ولعلي أستعرض هذه الآية في هذه الخطبة لعظم ما وصل إليه النساء من التبرج والسفور وقلة الحياء وانعدام البصيرة وضعف الخوف من الله.
والتبرج في اللغة: هو إبداء المرأة زينتها وإظهار وجهها ومحاسن جسدها للرجال تستدعي به شهوتهم،
وفي الشرع: هو كل زينة أو تجمل تقصد المرأة بإظهاره أن تحلو في أعين الأجانب حتى القناع الذي تستتر به المرأة إن انتخب من الألوان البراقة، والشكل الجذاب لكي تلذ به أعين الناظرين فهو من مظاهر تبرج الجاهلية الأولى.
ففي هذه الآية ينهى الله عز وجل المؤمنات عن التبرج بعد أن أمرهن بالقرار في البيوت، ولكن إن خرجن لحاجة فلا يتبرجن أو يبدين شيئا من زينتهن للرجال الأجانب وذكر الله عز وجل النهي عن تبرج الجاهلية الأولى، فما هو تبرج الجاهلية الأولى؟ قال مجاهد: كانت المرأة تخرج بين الرجال فذلك تبرج الجاهلية الأولى. وقال قتادة: كانت لهن مشية تكسّر وتغنج فنهى الله تعالى عن ذلك.
فهذه الصور من تبرج الجاهلية تبدو ساذجة أو محتشمة حين تقاس إلى تبرج النساء في أيامنا هذه في الجاهلية الحاضرة، من ترك للعباءة وكشف للرأس والعنق واليدين إلى الكتف وكشف الظهر وكشف الساقين ومع هذا كله ما يضعن على بشرتهن من المساحيق التي تحسّن صورة المرأة القبيحة في نظر الرجال فبالله عليكم لو أننا قارنا الجاهلية الأولى بالجاهلية المعاصرة فأي الجاهليتين أحق بالتحريم والتأثيم عند الله، إنها ولا ريب الجاهلية التي نعيشها اليوم بكل صورها إننا نعيش اليوم في فترة جاهلية عمياء، غليظة الحس، حيوانية التصور، هابطة في درك الحيوانية للحضيض المهين جاهلية لا ترى للحشمة والعفاف مكانا وإنما همّها جمال اللحم العاري البعيد عن الشرف والفضيلة والعفاف .
عباد الله : إن من الملاحظ في هذه الأيام أنه قد توسع كثير من النساء في التبرج والسفور وإلقاء الحجاب والحشمة جانبا كأنه ليس عليهن رقيب ولا حسيب، وباتت المرأة تتشبه بالنساء الساقطات السافرات اللواتي خلعن برقع الحياء وانسللن من دينهن بدعوة تقولها الواحدة منهن أنها حرة.
عباد الله : إن مشكلة النساء ليست بالمشكلة التي يتهاون بها وليست بالمشكلة الجديدة إنها مشكلة عظيمة يجب الاعتناء بها ودراسة ما يقضي على أسباب الشر والفساد إنها مشكلة الوقت قديما وحديثا، لقد كانت مشكلة بني إسرائيل وهي مشكلة هذه الأمة كما ثبت في الصحيحين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ))، وكما هو معلوم أن أعز ما تملكه المرأة الشرف والحياء والعفاف، والمحافظة على هذه الفضائل محافظة على إنسانية المرأة في أسمى صورها وليس من صالح المرأة ولا من صالح المجتمع أن تتبرج المرأة وتتخلى عن الصيانة والاحتشام.
والمرأة فتنة ليس أضر على الرجال منها، يقول عليه الصلاة والسلام: ((إن المرأة تقبل في صورة شيطان وتدبر في صورة شيطان )) وتجرد المرأة من ملابسها وتبرجها وإبداء مفاتنها يسلبها أخص خصائصها من الحياء والشرف ويهبط عن مستواها الإنساني ولا يطهرها مما التصق بها من رجس سوى جهنم والعياذ بالله.
عباد الله : وسبب هذه الانحراف هو الجهل والتقليد الأعمى للكافرات السافرات الساقطات فأصبح من المعتاد أن يرى المسلم المرأة المسلمة متبذلة، عارضة مفاتنها، خارجة في زينتها، كاشفة عن وجهها ونحرها وذراعها وساقها ولا تجد أي غضاضة في ذلك بل تجد من الضروري وضع الأصباغ والمساحيق والتطيب بالطيب واختيار الملابس المغرية للوصول إلى المستوى المتدني الرخيص.
عباد الله : إنه كلما عظم الخطر عظمت المسؤولية وكلما كثرت أسباب الفتنة وجبت قوة الملاحظة وإننا في عصر عظم فيه الخطر وكثرت فيه أسباب الفتنة بما فتح علينا من زهرة الدنيا واتصالنا بالعالم الخارجي مباشرة . وكل ذلك بسبب ضعف كثير من الرجال وتهاونهم للقيام بمسؤولياتهم تجاه نسائهم وترك الحبل لهن على الغارب بلا رقيب أو حسيب .
عباد الله : ومن مثالب التبرج وخطره على الدين والدنيا:
فمن ذلك: التبرج معصية لله ورسوله، ومن يعص الله ورسوله فإنه لا يضر إلا نفسه ولن يضر الله شيئا وكما في الحديث قال: ((كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى . قيل ومن يأبى ؟ قال من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى )) رواه البخاري.
ومن مثالب التبرج: أنه يجلب اللعن والطرد من رحمة الله قال رسول الله صلى الله علية وسلم : ((سيكون في آخر أمتي نساء كاسيات عاريات على رؤوسهن كأسنمة البخت العنوهن فإنهن ملعونات )) صحيح.
ومن مثالب التبرج: أنه من صفات أهل النار، قال رسول الله: ((صنفان من أهل النار لم أرهما بعد قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات رءوسهن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وإن ريحها ليوجد من مسيرة كذا وكذا)) رواه مسلم.
والتبرج تهتك وفضيحة وقد ورد عن النبي: ((ثلاثة لا تسأل عنهم: **** وامرأة غاب عنها زوجها، وقد كفاها مؤنة الدنيا، فتبرجت بعده فلا تسأل عنهم)) رواه البخاري ، فما عسانا أن نقول في نساء اليوم اللائي لا يحتجن إلى ذلك، بل يرتكبن أقبح أنواع التبرج وأفحشه على مرآى ومسمع بل وإقرار ورضى من أزواجهن وأولياء أمورهن فإلى الله المشتكى.
عباد الله : وكما أن الحشمة والحجاب سنة نبوية فالتبرج والسفور سنة إبليسية فإبليس هو رائد الدعوة إلى كشف العورات وهو مؤسس الدعوة إلى التبرج بدرجاته المتفاوتة بل هو الزعيم الأول لشياطين الإنس والجن الداعين إلى سفور المرأة وخروجها من قيد الستر والصيانة والعفاف، و قصة آدم وحواء مع إبليس تكشف لنا مدى حرص عدو الله على كشف السوءات وهتك الأستار وإشاعة الفاحشة ، ثم حذرنا الله من هذه الفتنة خاصة فقال جل وعلا: {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ }الأعراف
وأخير فالتبرج من سنن اليهود والنصارى ولليهود باع كبير في هذا المجال، عرفوا به في كل العصورٍ .
أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانية:
أيها المسلمون: إن ترك الحبل على الغارب للنساء وإطلاق سراحهن يخرجن متى شئن وعلى أية كيفية أردن بدون مبالاة ولا حياء من الله إنه لمن أكبر أسباب الشر والفساد وسقوط المروءة والأخلاق وحلول العذاب والعقاب قال تعالى: {وَإِذَا أَرَدْنَا أَن نُّهْلِكَ قَرْيَةً أَمَرْنَا مُتْرَفِيهَا فَفَسَقُواْ فِيهَا فَحَقَّ عَلَيْهَا الْقَوْلُ فَدَمَّرْنَاهَا تَدْمِيراً }الإسراء16

وقال عليه الصلاة والسلام: (إن الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيرونه أوشك أن يعمهم الله بعقابه)


تعليقات