التحذير من اللعن
حديثنا في هذه اليوم عن ظاهرة اجتماعية سيئة عمت كثيراً من الخلق صغارا وكبارا، وهي متعلقة باللسان الذي هو أسهل الأعضاء حركة (وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم) وهذه الظاهرة هي ما نراه من انتشار اللعن والسب والشتم في أوساط المسلمين، واستعمال الألفاظ البذيئة، فلا تكاد تدخل في سوق، أو محل، أو تجلس في مجلس إلا سمعت أشياء كثيرة، وهذه الظاهرة .. قضية خطيرة، لا ينبغي التساهل فيها أبداً
فقد أصبح كثير من المسلمين اليوم لا يبالون بتصرفاتهم وما يصدر عنهم من أقوال، التي فيها خسارة لدينهم ودنياهم، قال رسول صلى الله عليه وسلم قال: ((إن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط الله تعالى ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم القيامة))عباد الله: لقد أصبح اللعن عادة عند كثير من الناس في هذا الزمان حتى أصبح وكأنه تحية عند البعض ، مع أن اللعن كبيرة من كبائر الذنوب، ذلك أن اللعن معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله عز وجل، فما بالك فيمن يكون هذا دأبه مع أبنائه وإخوانه. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ليس المؤمن بالطعان ولا باللعان ولا الفاحش والبذيء)) [رواه الإمام الترمذي].
بل إن اللعانين يحرمون في الآخرة من الشفاعة لغيرهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((إن اللعانين لا يكونون يوم القيامة شفعاء ولا شهداء)). ولعن المؤمن كقتله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( لعن المؤمن كقتله)).
عباد الله: اللعن دعاء بالطرد والإبعاد من رحمة الله والإسلامُ دعا إلى التراحُم والتواصُل والدعاء بالسلامة والرّحمة والبركة وشعارُ المسلمين في تلاقيهم السلامُ عليكم ورحمة الله وبركاته ومن الناس والعياذ بالله من يجري على لسانه اللعنُ أكثر مما يجري على لسانه السلام والرحمة .
فاللعنُ شأنُه خطير وأضرارُه جسيمة وعواقبه على صاحبه وخيمة في الدنيا والآخرة وأشدُ اللعن وأَسوَؤُه وأقبحه وأشنعه وأفضعه وأنكاه وأشده جرما لعن ربّ العالمين والعياذ بالله أو لعن دين الإسلام أو لعن النبي الكريم عليه الصلاة والسلام ومثل هذا اللعن إذا صدر من مسلم كان بذلك مرتدًا عن الإسلام خارجا من دائرته , وأي جرم أفضع وأشنع من هذا
ثم يا عبادَ الله لعنُ المؤمنين ولا سيما خيارَهم ويأتي في مقدمة أهل الإيمان صحابة النبي الكريم عليه الصلاة والسلام فقال في الحديث الصّحيح: "لا تسبوا أصحابي فو الذي نفسي بيده لو أنفق أحدُكم مثل أحد ذهبا ما بلغ مُدَّ أحدهم ولا نصيفه" ويشتد الأمر فضاعة عندما يكون اللعن متجها لسادات الصّحابة خيارهم كصدّيق الأمة وخليفته عمر وبقية الخلفاء الأربعة وبقية العشرة المشهود لهم بالجنة وأزواج النّبي الكريم عليه الصلاة والسلام.
عباد الله : عندما تصدر اللَّعنة من الإنسان على غير مستحِقّ لها من الجماد أو الحيوان أو الإنسان فإنها ترجع إلى صاحبها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إذا قال العبد لشيء لعنه الله صعدت اللعنةُ إلى السماء فتغلق أبواب السماء دونها ثم تذهب يمينا وشمالا فإن لم تجدْ لها مساغا رجعت إلى الذي لُعِنَ إن كان أهلا لذلك وإلا رجعت على قائلها" تصوروا عباد الله كم من اللعنات تحل على الإنسان عندما يكون لسانه مكثرا من اللعن مستديما لها.
عباد الله: وأشد ما يكون من اللعن فيما يتعلق بالناس لعن الإنسان لوالديه والعياذ بالله سواء تسبُّبًا أو إبتداء؛ إبتداء بأن يباشر هما باللعنة، وتَسبُّبًا بأن يسب الرجل أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه .
عبادَ الله: إن أمةَ الإسلام أهلَ هذا الدين الحنيف ليسَ شأنُهم كالكفار أهل النار الذين شأنهم كما وصف الله: ﴿ كُلَّمَا دَخَلَتْ أُمَّةٌ لَعَنَتْ أُخْتَهَا ﴾ [الأعراف: 38] فليس هذا شأن أهل الإيمان بل شأنهم التراحُم والتواصُل والتّعاون على البر والتقوى كما قال الله جلا وعلا: ﴿ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ ﴾ [البلد: 17] " إن شأن المسلم عباد الله تجاه إخوانه رحمتُهم والإحسان إليهم والدعاء لهم بالخير والاستغفار لهم لا لعنهم يقول الله تعالى لنبيه الكريم عليه الصلاة والسلام: ﴿ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ﴾ [محمد: 19] وقد رتب الله جلَّ وعلا أجورا عظيمة وأفضالا عميمة وخيراتٍ كبيرةً لمن يبذل لإخوانه المؤمنين الدعاء والاستغفار وتأملوا رعاكم الله في هذا الحديث قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: "من استغفر للمسلمين والمسلمات كان له بكل واحد منهم حسنة" كم هي الأجور هنا من استغفر للمسلمين والمسلمات من زمن آدم إلى أن يَرِثَ الله الأرض ومن عليها .
عباد الله : .أما دوافع الوقوع في اللعن:
1- الجهل بخطر ة، وما جاء فيه من الوعيد .2- ضعف الوازع الديني ، وقلة الخوف من الله .
3-الغضب ، فالإنسان إذا غضب ولم يتمالك نفسه وقع في اللعن ، ولهذا يكثر اللعن عند النساء، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يَا مَعْشَرَ النِّسَاءِ تَصَدَّقْنَ، فَإِنِّي رأيتُكُنَّ أَكْثَرَ أَهْلِ النَّارِ، فَقُلْنَ: وَبِمَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:تُكْثِرْنَ اللَّعْنَ، وَتَكْفُرْنَ الْعَشِير".وهذا الحديث يؤكد أن اللعن سبب لدخول النار والعياذ بالله .
. أقول ما تسمعون واستغفر الله لي ولكم
الخطبة الثانيه
لقد حذرنا النبي صلى الله عليه وسلم من اللعن في أحاديث كثيرة، وأخبرنا أن فشو اللعن من أساب الهلاك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا استحلت أمتي خمسا فعليهم الدمار، إذا ظهر التلاعن، وشربوا الخمور، ولبسوا الحرير، واتخذوا القينات (أي المغنيات)، واكتفى الرجالُ بالرجال والنساءُ بالنساء" وحسنه الألباني.
أما ما يجوز لعنهم على العموم وليس على وجه التخصص فهم كثر، ولكن نذكر منهم أنواعاً حتى نحذر المسلمين ألا يقعوا فيما وقعوا فيه من الأعمال التي توجب لعنة الله ورسوله، فهذه اللعنة لمن عمل هذا العمل. فلا يستطيع العبد أن يَسلك سبيل الحقِّ والخَير إلاَّ إذا عرف طريق الشَّر، وكان حُذيْفة بن اليمان - رضي الله عنْه - يسأل النَّبيَّ - صلَّى الله عليه وسلَّم - عن الشَّرِّ مخافة أن يُدْرِكه ، ومن هذه الأحاديث الَّتي ثبتتْ عن النَّبي - صلَّى الله عليه وسلَّم --:
((لعنَ الله الخمرَ وشاربَها وساقيَها وبائعَها ومبتاعها، وعاصرها ومعتصرها، وحاملها والمحمولة إليه)) ويدخل في ذلك المخدرات . ذرواه أبو داود وأحمد..
((لعن الله آكل الربا وموكله وشاهديْه، وكاتبه)) رواه مسلم.
((لعن الله السَّارق يسرِق البيضة فتُقْطع يده، ويسرق الحبل فتُقْطع يده) رواه البخاري ومسلم.
((لعن الله المتشبِّهات من النِّساء بالرجال، والمتشبِّهين من الرجال بالنساء)) رواه البخاري
(( لعن الله الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل ))
(( لعن الله المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء وقال أخرجوهم من بيوتكم . رواه البخاري .
((لعن الله المحلِّل والمحلَّل له))؛ رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه.
((لعن الله من يأتي النساء في محاشهن . يعني : أدبارهن( صحيح )
((لعن الله الواشمات والمستوْشِمات، والنامصات والمتنمِّصات الواصلة والمستوصلة ، والمتفلِّجات للحُسْن المغيرات خلْق الله))؛ رواه البخاري ومسلم.
((لعن الله مَن لعن والديه، ولعن مَن ذبح لغير الله، ولعن الله مَن آوى محْدِثًا، ولعن الله من غيَّر منار الأرض)) رواه النسائي وأحمد.
تعليقات
إرسال تعليق